
دَرّسْتُها (خصوصي) في بيت والدها لعام دراسي كامل، فكانت تخرج عليّ، بوجه طفولي باسم، وشعر مربوط للخلف، وجينز مع تي شيرت، ونظارة طبية. وكنت في قرارة نفسي أُعجب ببساطتها، لا بل كنت أحسد أهلها على هذه البساطة والبراءة، وكنت أتمنى لكل البنات، اللواتي هن في مثل عمرها، أن يتمتعن ببساطتها. وفي آخر العام الدراسي، وقع بيدي الكتاب السنوي للمدرسة التي كانت تدرس فيها، ومن باب حب الاستطلاع لا أكثر ولا أقل، بدأت أبحث عن صورتها فيه، فلم أجدها، وعلى الفور، اتهمت أمها، في حجب صورة ابنتها عن هذا الكتاب السنوي، وحمّلتها مسؤولية ذلك، لأن هذا الكتاب السنوي سيصبح لها ذكرى مع الأيام القادمة التي لن تتكرر.





















لفّوها بالسواد من قمة رأسها إلى أخمص قدميها، واعتبروها شرفهم الوحيد في هذه الحياة، وفرضوا عليها الإقامة الجبرية في البيت حفاظاً على شرفهم هذا، ومنعوها من الإختلاط بالرجال لا خوفاً عليها بل خوفاً على شرفهم، وأفهموها أن صوتها عورة وحرّموا عليها المشي في الأسواق كي تبقى في بيوتهم خرساء عمياء وبعد كل هذا أطلقوا لأنفسهم العنان وتزوجوا مثنى وثلاث ورباع ودعوا الله لها بالستر، فاستجاب الله لدعوتهم بأن جعلها عانساً في بيوتهم فأصبحت بذلك أكبر همهم في حياتهم وعند موتهم.