
يغترب الإنسان عن وطنه وبلده وأهله وعشيرته عندما يجد نفسه في وضع مادي أو معنوي ـ أو الإثنين معاً ـ يرفضه ولا يستطيع تحمله أو تغييره إلى الأحسن في المدى المنظور فيضطر عندئذ إلى مغادرة وطنه وبلده والخروج عن سربه مكرهاً ليعيش وحيداً في بلد آخر غير بلده الأصلي، والذي قد يختلف معه اختلافاً كلياً في العادات والتقاليد والثقافة. ومع الزمن سيندمج هذا الشخص مع مجتمعه الجديد وتصبح حياته في أرض الوطن مجرد ذكريات تهب عليه بين الحين والآخر.

وقد يعيش الإنسان الغربة وهو يعيش في بلده دون أن يغادرها، عندما يُفرض عليه أن لا يرى أو يسمع أو يتكلم أو عندما يكون هذا الشخص صادقاً والصدق من حوله عيب أو أن يكون الشخص حالماً والحلم من حوله ممنوع، أو عندما يكون هذا الشخص طيباً وكل من هم حوله يعتبرونه ساذجاً أو عندما يكون هذا الشخص متأملاً حساساً ومتفانياً في المحبة وكل من هم حوله يعتبرونه من الجيل الماضي وينظروا إليه نظرات استهزاء فيحس عندها أنه قادم من عالم آخر و محكوم عليه أن يعيش الغربة في بلده.

وقد تكون الغربة (طوعية) يختارها الإنسان عندما يجد نفسه لا يستطيع الانسجام مع المحيطين به من أفراد مجتمعه أو عندما يجد نفسه لا يستطيع تحقيق متطلباته الحياتية اليومية أو عندما لا يستطيع تحقبق طموحاته التي كان قد رسمها في مخيلته فيضطر هذا الشخص أن يعيش غربة طوعية يفرضها على نفسه وقد تكون هذه الغربة (قسرية) يفرضها عليه عدوه فقد يقوم عدوه بسجنه أو إبعاده بالقوة عن وطنه كما حصل مع مبعدي كنيسة المهد في بيت لحم.
وفي جميع هذه الحالات السابقة يصبح هذا الشخص المغترب عن أهله وعن وطنه وعن بلده بحاجة ماسة إلى من يساعده في التخلص من هموم غربته الجديدة، ويقف معه في حياته اليومية الجديدة فيبدأ في البحث عن معارف جدد يأمل أن يكون منهم أصدقاء جدد ليخرجوه من أوجاع غربته تلك. وهذه الصداقات الجديدة لا تعرف جنسية أو ديناً بعينه أو عمر بعينه بل تكون مما تيسر له من أناس يصادفهم هذا المغترب في حياته الجديدة وللغربة أوجاع لا يعلم بها إلا من عاشها وجربها.

اشكركم
إعجابإعجاب
احبكم
اشكركم
العفو لكم
😉😉😉😉😉
😢😢😢😢😢
إعجابإعجاب