
المشكلة الكبرى التي تواجه السائح العربي المسلم في إسبانيا هي مشكلة الأكل، فعليه في البداية أن يبحث عن مطعم لا يستخدم لحم الخنزير في تحضير وجباته الغذائية، وعندما يجد مثل هذا المطعم عليه أن يبحث عن أكل يناسبه شخصياً بعد ذلك. في أحد الأيام التي قضيتها في مدريد سائحاً مع زوجتي وابني بهاء، وبينما كنا نبحث عن مطعم مناسب في مدريد وجدنا ضالتنا في مطعم اسمه (museo del jamon)، فاعتقدنا بأن هذا المطعم مناسب لنا فدخلناه. وكان بيدي كيس لا يُرى ما بداخله. وبعد أن جلسنا على الطاولة وضعت هذا الكيس بجانبي على الأرض وبدأنا نبحث في قائمة الطعام عن أكل نستسيغه، وإذا بالمطعم اسمه بالعربية “متحف فخذ الخنزير”، فخرجنا منه بسرعة مما جعلني أنسى الكيس الذي أحمله بداخل هذا المطعم.

وبعد أن دخلنا في نهر الشارع كي نبحث لنا عن مطعم غيره وإذا بأحد الفتيات العاملات في المطعم تدق بيدها على كتفي الجرسون وتقول بالإسبانية ما هو معناه: هذا الكيس لك كنت قد نسيته في مطعمنا، فشكرتها بالعربية وعادت إلى مطعمها فرحة مسرورة دون أن تفهم ما قلته لها، بعد أن قدمت خدمة لأناس لم يأكلوا من مطعمها، وهم من غير دينها، ومن غير قوميتها. وفي الحال راجعت نفسي فوجدت أننا نحن العرب من علّم الإسبان الأمانة والشهامة والمروءة لكنني بعد برهة تذكرت أن أجدادنا العرب الأوائل كانوا قد أقاموا دولتهم في قرطبة ولم يسعفهم الوقت للوصول إلى مدريد.
الدنيا حكايات