لن تفهموا ما سأقوله لكم


1334534_normal
كانت نساؤنا أكثر أنوثة وجمالاً

كانت أسماؤنا وأسماء أولادنا وبناتنا أحلى فمنا الكريم ومنا العفيف ومنا النبيل وكانت نساؤنا أكثر أنوثة وجمالاً وكان رجالنا أكثر شهامة ومروءة وكانت ساعة الجوفيال في يد الأب أغلى ما في البيت وأكثرها حداثة وكانت حبات المطر أكثر اكتنازاً بالماء فبعد المطر تجري الوديان والشعاب وتتفجر الينابيع وكانت المزاريب تخزن ماء الشتاء في البراميل الموجودة تحتها وكانت أخبار الساعة السادسة مساءاً أخف دماً من هذه الأيام وكانت الطرقات أقل إزدحاماً  من طرقات هذه الأيام وكانت بنات المدارس يخبئن أنوثتهن بين صفحات دفاترهن المدرسية وكانت أجرة الباص بضعة قروش وكانت حلويات الأعراس توزع في كؤوس زجاجية هشة تسمى مطبقنيات.

7940895_1424176831
غمزة سميرة توفيق

وكانت غمزة عين سميرة توفيق لا نراها إلا في الصورة الموضوعة داخل العلكة وكانت القضامة المبرشمة توصف علاجاً للمغص عند الأطفال وكانت عمان هي آخر الدنيا بالنسبة لنا وكان الأولاد يُقبلون يد الجار صباح العيد وكانت مضافة أبو محمود أهم برامج الراديو على الإطلاق ولم نكن نعرف أن ثمة فاكهة تتطابق بالإسم مع منظف الأحذية الكيوي ولم نكن نحلم يوماً من الأيام أننا سنحمل تلفوناً في جيوبنا ليرافقنا في الحل والترحال.

is
المطربة صباح

وكان الحصول على الحذاء في مقدمة أحلام الطلبة المتفوقين في المدارس وكانت الجهاد أهم الصحف اليومية وأجرأها على الإطلاق ثم تأتي بعدها صحيفة الدفاع وكانت أمريكا وألمانيا والكويت بلاد الأحلام للشباب وكانت صورة المطربة صباح مرسومة على ظهر المرآة اليدوية المعلقة على الحائط وكان جهاز الراديو يغلق محطاته في موعد محدد مثله مثل أي محل تجاري أو مطعم وكانت المحرمة هي الهدية الوحيدة للحب بين العشاق والمحبين وكانت المكتبات تبيع دفاتر خاصة لرسائل الحب أوراقها مزوقة بالورود.

1zo917r
كانت البيوت تكاد لا تخلو من الطابون 

وكانت جوازات السفر تكتب بخط اليد وكان السفر إلى مدينة نابلس مشياً على الأقدام وكانت قمصان النص كم للرجال تعتبرها العائلات المحافظة عيباً يخدش الحياء وكانت البيوت تكاد لا تخلو من الطابون وكانت الأمهات يعجن الطحين في المساء ليخبزنه في الصباح وكانت الأغنام تدق بأجراسها وهي في طريقها للمرعى صباح مساء وكانت الناس تهنئ أو تعزي بعضها بعضاً بكيس من السكر أو كيس من الأرز فيه خط أحمر وزنه مئة كيلو غرام وكانت الأمهات يحممن أولادهن بالطشت وكانت القرشلة يحملها الناس لزيارة المرضى وكان البرد يجعل أصابع التلاميذ ترتجف فلا تستطيع الكتابة.

imagescax54rl7
كنا نشرب من الماء الجاري ولا نشتريه من الدكاكين

وكانت لهجات الناس أبسط وأحلى وكانت قلوبهم أكبر وأنظف وأحن وكانت طموحاتهم أبسط وأكبر وكان الموظفون ينامون قبل الساعة العاشرة مساءاً وكان الحزبيون والسياسيون منا يلتقون سراً في المخابئ محاطين بهالة من السحر والبطولة والرجولة وكانت الشمس أكثر صرامة في التعامل مع الصائمين في شهر رمضان المبارك وكان الثلج لا يخلف موعده  السنوي وكنا نشرب من الماء الجاري ولم نكن نحلم في يوم من الأيام أن يباع الماء في الدكاكين وكانت الحياة أكثر فقراً وبرداً وجوعاً ومع كل هذا كنا نراها خضراء يانعة دافئة.

تراث بلدنا

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s