
العرب هم الأمة الوحيدة بين الأمم التي كانت قد صنعت آلهتها بأيديها لتعبدها ففي الجاهلية الأولى كانوا يصنعون أصنامهم بأيديهم مما كان يتيسر عندهم من تمر وزبيب وإن لم يتوفر لهم ذلك فمن القطين ومن لم يجد منهم مثل هذه المواد كان يكتفي بنحت حجر يحمله بيده ليعبده ويسير على هواه واستمروا على هذا الحال إلى أن جاء الإسلام فحرم عليهم عبادة الأصنام بشتى أنواعها وزاد على ذلك بأن أمرهم بتحطيمها فحطموها رياءاً أمام الناس دون أن يحطموها في عقولهم وفي قلوبهم.

وما أن بدأ يخف تأثير الإسلام عليهم حتى وجدتهم قد عادوا يبحثون عن أصنامهم من حولهم فلم يجدوها فأخذوا يبحثون عنها في كل مكان وبعد طول بحث وعناء وجد العرب ضالتهم في حكامهم فالتفت كل جماعة منهم حول حاكمها وجعلت منه صنمها الأكبر وأخذوا يلتزمون بتعاليمه وينفذون له رغباته بعد أن أفهم كل حاكم من هؤلاء الحكام الناس الذين يلتفون من حوله أنه لا يطلب منهم شيئاً لنفسه أو لأولاده من بعده بل هو يطلب من رعيته تأدية حقوق خالقهم لا أكثر ولا أقل.
