
عندما أنهيت دراستي الثانوية من مدرسة الزرقاء الثانوية بالأردن عام 1968 تلقيت رسالة من أخي الأكبر الذي كان يعمل في الكويت يقول لي فيها: لقد استطعت أن أحصل لك على قبول في إحدى الجامعات التركية لدراسة الهندسة وما عليْك إلا أن تُراجع السفارة التركية في عمان كي تطبع الفيزا على جواز سفرك وتسافر إلى هناك فما كان مني إلا أن طبعت الفيزا على جواز سفري وسافرت برّاً لقلة ذات اليد فوصلت مدينة دمشق ومنها إلى مدينة حلب وكنت قد وصلتها منهكاً فقررت المبيت في أحد فنادقها (الفندق العربي في باب الفرج) كي أستريح من عناء السفر وأجدد نشاطي لليوم القادم.

وهناك التقيت في الفندق طلبة من كافة الجنسيات العربية يبحثون عن مقاعد جامعية مثلي لأن عدد الجامعات في ذلك الوقت كان قليلاً وفي السهرة بدأ كل منا يطرح مشروعه ورغباته أمام الجميع وعندما جاء دوري قلت: أنا أحبّ دراسة الرياضيات وقد تخصصت بها في التوجيهي ــ إذ كان على كل طالب من الفرع العلمي أن يختار مادة علمية يتخصص بها ــ كي أصبح معلماً لها في المستقبل فأنا أهوى التعليم من صغري لكنني مُجبر على دراسة الهندسة من قبل أخي الأكبر فقالوا لي: مُشكلتك محلولة يُمكنك دراسة الرياضيات هنا في جامعة حلب إذا أردت فكانت هذه الكلمات قد أيقظت حُلماً قديماً عندي جعلني أختار حلب وأتمرّد على أخي وعلى الهندسة وعلى السفر إلى تركيا.
