شجر الخروب في ذاكرة الطفولة الفلسطينية


Arcosu07
شجرة الخروب التي كانت قد أخافتهم وأخافونا منها

من عاش منكم في القرية، يعلم أن الأشجار بجميع أنواعها موجودة هناك، لكنهم لقنونا أن شجر الخروب وحده هو المسكون بالشياطين وبأرواح الموتى، ولم يقولوا لنا ما تفعله هذه الشياطين والأشباح  بنا لو مررنا من فوقهم أو بجانبهم، بل تركوا لعقولنا الصغيرة أن تتوهم وتتخيل وترسم سيناريوهات اللقاء بين الأحياء والأموات تحت هذه الشجرة، فتولدت في عقولنا الفتية أسئلة كثيرة مُحيرة، تعتمد إجابتها على خيال كل منا، وهي بالتالي تختلف من شخص إلى آخر، لكن الجميع تأثر بها بشكل أو بآخر، فمن الأسئلة التي كانت تخطر على بالي وأنا صغير في السن، هل يا ترى كل الأموات رجالاً ونساءَ ستلاحقنا؟ حتى لو كانوا من المقربين منا، إذا مررنا من فوقهم أو بجانبهم؟ وإذا أمسكوا بنا في يوم من الأيام، ماذا سيقولون لنا، أو ماذا سيفعلون بنا؟.

the_eye_5-wallpaper-1152x864
حتى هذه اللحظة أخاف من أي شجرة خروب أراها 

حتى هذه اللحظة، أخاف من أي شجرة خروب أراها، وأحاول أن لا أمرّ من تحتها أو بجانبها، وإذا أجبرتني الظروف، ومررت بها، يقف شعر رأسي خوفاً، وأقرأ ما أحفظ من سور القرآن الصغيرة لأتقي شرّ من يسكن تحتها، وأتخيل أن من مات ودفن في المقبرة، سيتواجد ليلاً تحت شجرة الخروب، والميّت الأحدث هو من سيتلقفني أولاً. واستمر هذا الوضع حتى كبرت، ووضحت لي الصورة ـ لكن بعد فوات الآوان ـ وإذ بشجرة الخروب كثيفة الأوراق، وكبيرة في الحجم، وعالية في الإرتفاع، وبالتالي تتسع رقعة ظلها أكثر من غيرها من الأشجار، لهذا فقد أخافتهم وأخافونا منها.

ذكريات في بلدنا

رأي واحد حول “شجر الخروب في ذاكرة الطفولة الفلسطينية

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s