سكنوا العاصمة ومعهم كلابهم


4nh44815
المنارة في المدن الكبيرة

في الماضي الذي هو ليس بالبعيد كانت كل مدينة من مدننا العربية الكبيرة تحرص على أن يكون فيها منارة تنير أكبر مساحة فيها إلى أن جاءت الكهرباء وأنارت جميع شوارعها وحاراتها لا بل أزقتها وأنهت بذلك دور المنارة فيها إلا أن بعض هذه المدن العربية الكبيرة  بعد أن فهمت دور المنارة فيها استبدلتها بالجامعة لأن دور الجامعة أكبر من دور المنارة فالمنارة تضيئ لنا الشوارع والحارات بينما الجامعة تنير عقول من حولها قبل أن تنير شوارعهم وتسابقت بعدها المدن الأصغر حجماً في فتح الجامعات بعد أن اكتشفت دورها في تطوير المجتمع ظناً منهم أن الجامعة إذا زرعت في مكان فستغيره للأحسن وأصبحوا فيما بعد إذا رغبوا في تطوير مدينة يفتحون جامعة فيها فهي كفيلة بتغيير عقلية من يجاورها. 

untitled
الجامعة الأردنية

لهذا اخترت حيّ الجامعة ليكون ملعباً لرياضتي الوحيدة في هذه الأيام وما أن بدأت المسير في أحد هذه الشوارع الجميلة والنظيفة والمزروعة بالورود والرياحين تمنيت أن يكون في كل حي من أحيائنا جامعة لكنها كانت فرحة عابرة قطعها نباح كلب هز المنطقة قبل أن يهزني وكأنه زئير أسد جائع استهجنت أن يكون في مثل هذا الحيّ الجميل مثل هذا الوحش الكبير فتبادر إلى ذهني أنني ضللت طريقي وخرجت من حي الجامعة دون أن أدري لكن لافتة كبيرة زرقاء أجابتني باسم الحي والشارع عندها بدأت أبحث عن هذا الكلب كي أتقي شره.

img0001.jpg
كلب على سطح بيت في حي الجامعة

نظرت من حولي فلم أجده نظرت إلى الأمام وإلى الخلف فلم أجده وزاد وقوي نباحه فنظرت للأعلى وإذا به يخرج لي من غرفته الموجودة على سطح أحد البيوت كالسهم ويضع يديه على الجدار ويبدأ بالنباح والعواء وعندما رأيته بدأت أتخيل جميع السيناريوهات الممكنة فقد يكون مربوطاً على هذا السطح وقد يكون حراً طليقاً وفي الحالتين قد يقفز من على سطح بيته ليحط فوق ظهري كمن يحطه السيل من عل ثم يتلوها زيارة لي قد تطول إلى إحدى المستشفيات وتتلقف الصحف والمواقع الإخبارية على شبكة الإنترنت هذا الخبر وتزين صفحاتها برجل يعضه كلب في حيّ الجامعة!فماذا أنا فاعل بعدها؟.

imagesdf81p8bl
الخيمة التي كانوا قد قدموا منها 

ودخلت مع نفسي في حوار وبعد هذا الحوار قلت لنفسي: عندما كان البعض يسكن في البادية أو في الريف لم يكن لديهم شوارع منارة ليلاً ولم يكن لديهم جرساً كهربائياً يقرعه كل من يقصد بيتهم ولم تكن بيوتهم مُسوّرة فكان لزاماً عليهم أن يقتنوا كلباً أو أكثر في منازلهم كي ينبههم إذا قدم أحد إلى بيوتهم سواء كان قدومه قدوم شر أو قدوم خير.

20150401052802
البيت الذي سكنوا به

 لكنهم وجدوا أنفسهم فجأة قد سكنوا المدن في أجسامهم فقط وبقيت عقولهم في المكان الذي قدموا منه فأحضروا معهم كلابهم إلى فللهم وقصورهم وبدأت هذه الكلاب تنبح على كل من يمر في الشارع طفلاً كان أو مسناً أو امرأة في الليل أو في النهار ونسي هؤلاء الناس أنهم يعيشون في مدن وبأنهم يعيشون في القرن الحادي والعشرين وبأن هناك أطفال تخاف الكلاب ونباحها حتى أنها لا تستطيع المرور من هذا الشارع. 

الدنيا حكايات

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s