
الرجل المسن: تبدأ كل هذه التغيرات على الشخص التي حدثتك عنها يا ولدي بعد غياب أمه مباشرة لكن هذه التغيرات تبدأ صغيرة وقد لا تُرى بالعين المجردة فهي تشبه كرة الثلج عندما تتكون وما أن تتكون هذه الكرة الثلجية حتى تجد من الناس المحيطين بهذا الشخص من يتلقفها ليلعبوا بها ومع الأيام تزيد مساحة سطحها ويكبر حجمها إلى أن تصبح كبيرة يستطيع القاصي والداني مشاهدتها كحالي في هذه الأيام لأن الشخص يا ولدي بعد أن تغيب أمه لن يجد الوفاء من أحد فالأم وحدها هي التي تقاسمك أكلها وشربها وأفراحها وأحزانها وأحاسيسها.

وهي التي تحميك من أي معتد أثيم قد يظهر لك في حياتك ولا تنس يا ولدي أن الأم مستعدة كذلك أن تدافع عنك حتى النهاية وهي التي لا تبخل عليك بشيء لأنك قطعة منها وهي الشخص الوحيد في هذا العالم الذي يستطيع قراءة أسرارك من وجهك وهي الكائن الوحيد في هذه الدنيا الذي لا يفهم إلا أن يكون معك ولك فهي التي تحب من يحبك وتبغض من يبغضك فالأم يا ولدي كالترياق الذي يعالجك من سموم الدنيا فعطاء الأم يا ولدي لا يعرف قانوناً ولا يرتكز على نظام ولا يركن إلى منطق.

عندما كان لي أماً يا ولدي كنت أجلس على عرش الدنيا فلم أبالي أقبلت الدنيا معي أم أدبرت فكل مصيبة تهون وكل همّ يزول بوجود الأم فكنت إذا ضاقت الدنيا في وجهي وسعني صدرها وإذا أتعبتني الحياة وجدت فيها وسادة الحب ولحاف الحنان فحب الأم يا ولدي ليس له مثيل لأنها الكائن الحي الوحيد في هذا العالم الذي قد يتحول إلى بركان ثائر ووحش كاسر إذا مس أحدٌ أولادها بمكروه أو أرادهم بسوء وتأكد يا ولدي بأن آجمل البيوت هو البيت الذي يكون بداخله أمّاً وأجمل ما في هذا البيت هو الأم.
