
في أحد أيام شهر حزيران من سنة 1990، وكنت أقيم وقتها في الكويت، خطر في بالي قريب لي كنت أحبه وأحترمه حتى الآن فقررت أن أقوم بزيارة خاطفة له. وبعد أن وصلته قال بعد أن رحب بقدومي: جيت و الله جابك لو تأخرت عن زيارتي قليلاً لوجدتني قد قمت أنا بزيارتك لأني قد أصبحت بحاجة ماسة إليك، الآن وليس غداَ، فقلت له: خيراً إن شاء الله؟ فقال: لقد أنهيت عملي في الوزارة التي كنت أعمل بها هذا اليوم ودفعوا لي مكافأة نهاية الخدمة وأصبحت محتاراً بين أمرين: الأول أن أشتري عمارة سكنية في الأردن وأقوم بتأجيرها، أو أن أضع هذه الفلوس في أحد البنوك الكويتية وديعة مربوطة لأجل، وأريد منك مساعدتي في اتخاذ أحد القرارين.

فقلت له: إن شراء عمارة سكنية في الأردن عملٌ سهلٌ، لكن تأجيرها والإشراف عليها ليس بهذه السهولة التي تراها في الكويت، ففي عمان يصعب عليك أن تجد من يستأجر في هذه العمارة ويدفع لك الأجرة بانتظام. فكثير من المستأجرين هناك يسكنون في شقق بعد أن يدفع الواحد فيهم الشهر الأول ثم بعدها يمتنع عن الدفع لباقي الأشهر فيصبح بذلك مالكاً لشقته التي يستأجرها فقانون الإيجارات هناك في مصلحة المستأجر.

أنا أرى أن تضع فلوسك في أحد بنوك الكويت وديعة بسعر فائدة يبلغ 8% ومنها سيأتيك دخل شهري تعيش منه دون تعب، لا سيما وأنت الآن قد دخلت في سن التقاعد ولم يعد عندك قدرة على مقارعة المستأجرين وكنت قد سمعت من يقول أن الاستثمار في العقار هو أدنى مراتب الاستثمار وبأنه لا يغني ولا يسمن من جوع. وبعد أن سمع كلامي هذا قال:لقد أقنعتني وغداً إن شاء الله سأقوم بريط فلوسي كلها وليس المكافأة فقط كوديعة لأجل.
