
أهداني أحدهم قميصاً مقابل خدمة قدمتها له عن طيب خاطر، وتمنّعت في قبوله لكنه أصر وقال: كيف ترفض ما قبله رسول الله عليه السلام؟ فنبينا عليه السلام قبل الهدية، وأكمل حديثه قائلاً: اشتريت لك هذا القميص من المحل الفلاني واجتهدت على أن يكون على مقاسك، واتفقت مع صاحب المحل أن تستبدله إذا أردت ذلك، فإذا لم يتحقق ما قدّرت فعليك استبداله خلال أسبوع ابتداءاً من هذا اليوم. فشكرته على هديته تلك وعندما لبسته وجدته واسعاً فأنا مقاسي 15 ومقاس القميص 16 فقررت استبداله.

في اليوم التالي، حملت هذا القميص وذهبت به كي أستبدله من صاحب المحل، وعندما وصلت وجدت صاحب المحل رجلاً في منتصف العمر، ملتحي وبيده مسبحة سوداء حباتها كبيرة يحركها بين أصابعه بانتظام ويذكر الله بعدد حباتها الـ (33)، وكان في آخر المشوار فلم يردّ عليّ السلام الذي كنت قد ألقيته عليه بمجرد دخولي باب محله، بل نظر إلىّ بطرف عينه اليمنى وفهمت من نظرته تلك أنه كان في مهمة وعليه أن ينجزها قبل أن يُكلمني.

وعندما قرأت نمرته وجدتها 16 فسألته: هل هذا القميص نمرته 15؟ فأجاب: إن شاء الله! فقلت له: هذه ليست بحاجة إلى إن شاء الله، هذه بحاجة إلى قراءة نمرة القميص ليكون جوابك لي نعم أم لا. فاحتد
هل تعلم يا أخي أن نمرة القميص الذي أعطيتني إياه بعد قولك إن شاء الله هي 16 وليست 15؟ أتصدق ذلك؟ وإذا صدقت فماذا تقول؟ قال: كل ما أستطيع قوله إذا صح ذلك (جلّ من لا يسهو)، فقلت له: نسيت أن تتبعها بقولك (إن شاء الله)! لو سمحت يا سيدي أعطني قميصاً نمرته 15 فنظر هذه المرة إلى مجموعة القمصان واختار لي واحداً منها دون أن يقول (إن شاء الله) فأخذته منه وغادرت محله وأنا أقول في نفسي إن شاء الله ربنا يهدي الجميع.