
صيف عام 2010 كان غريباً عنا بعض الشيء في عاصمتنا الأردنية الحبيبة عمان، فلم أستطع أن أميزه كثيراً عن صيف بلاد الخليج العربي، فالحرارة كانت مرتفعة ليلاً ونهاراً، وعاصمتنا لا تعرف الرطوبة أبداً إلا أننا في هذا العام تعرّفنا عليها. كما قَدِم علينا زائر غير مرغوب فيه يسمونه في بلاد الخليج العربي (الطوز) وهو عواصف رملية تملأ الجو بالغبار، يغيب معه نسيم الوادي والجبل ونسيم الليل والنهار وتعطش النباتات والأشجار حتى المقاوِمة منها لشح المياه، لكن الله لطف بعباده دون صلاة استسقاء من أحد.

في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم السبت الموافق 9/10/2010 منّ الله علينا بالمطر الغزير، والذي نُسمّيه مطرة المساطيح، فقد جرف المطر الأتربة والغبار وملأ الشوارع بالماء وحوّلها إلى أنهار، وحوّل قيادة السيارة إلى معركة لا بد فيها من خاسر، وظهر قوس قزح بعد غياب طويل عنا. وما أن خف المطر حتى وجدتني أتجول في الشوارع أنظر هنا وهناك بعد أن تغير منظر الشوارع والنباتات وعندما اقتربت أكثر من شجرة زيتون وجدتها فرحة مسرورة وعندما اقتربت منها أكثر سألتها عن السبب فقالت بشيءٍ من العتب:

كنت أسمعكم وأنتم تقولون عني أنني شجرة مباركة، زيتي يضيء ولو لم تمسسه نار، وكنتم تنتظرون موسم قطافي لحظة بلحظة كي تسددون ديونكم وتجهزون أولادكم لدخول المدارس والجامعات، وفجأة ظهر منكم أناس لا يعرفون الوفاء في حياتهم فباعوا ثماري قبل عصرها إلى الأعداء الصهاينة المحتلين لأرضنا، ليعصروها ويضعوها في زجاجات وعلب ويدخلوا بها أسواق العالم الغربي ليظهروا وليظهروا أنفسهم أمام الناس أنهم يحبون أشجار الزيتون ولينفوا عن أنفسهم أنهم أعداء لشجر الزيتون والسلام.
