
سيدة فاضلة تكبرني بعشرين سنة على الأقل كانت جارة لنا في فلسطين عندما كنت صغيراً في السن فكانت تلاعبني وتقبلني كأولادها تماماً وبقينا كذلك إلى أن جاءت حرب حزيران 1967 وغادرتُ البلاد صبياً ثم عدت إليها شيخاً وبعد عودتي تذكرت هذه السيدة وسألت عنها فأخبرني من سألت بأنها أصبحت أرملة منذ زمن بعيد وهي الآن تعيش في بيتها وحيدة بعد أن تزوج أولادها ورحلوا عنها فذهبت في الحال لزيارتها لأنها في مقام والدتي وما أن رأيتها حتى وددت تقبيلها لأنها تذكرني بأمي لكنني قررت أن أكتفي بمصافحتها باليد وعندما مددت يدي نحوها تراجعتْ إلى الوراء بسرعة إلى أن وجدت نفسها محصورة بيني وبين الحائط عندها صاحت بأعلى صوتها قائلة:أبعد يدك عني واكتف بالسلام من بعيد.

حيرتني هذه السيدة وتسائلت في نفسي ماذا حدث لها بعد أن ترملت؟أمسّها شيطان في آخر عمرها؟لكنني كظمت غيظي وهدأت من روعي ثم سألتها ماذا جدّ عليك يا خالة بعد وفاة زوجك؟فقالت:كنت أعيش مع زوجي في عصر الجاهلية الأولى أُصافح كل من يمد لي يده للمصافحة وكنت أصافح الجميع وبقيت كذلك حتى تعرفت على الداعية أم فلان (جزاها الله خيراً) وأفهمتني أن لا أصافح رجلاً قط لأن يد الرجل ستكون جمرة أتلقفها بين يديّ يوم القيامة وأنا الآن أعلن أمامك ندمي وأسفي الشديد على كل مصافحة كنت قد صافحتها في الماضي.

وبعد سنة عدت مرة أخرى إلى أرض الوطن فذهبت لزيارتها لكن هذه المرة أعلنت لها قبل وصولها أنني لا أريد مصافحتها فارتاحت وانفرجت أساريرها وعندما دققت النظر أكثر في ما تلبس وجدتها قد ارتدت (الحلق) في أذنيها والأساور في يديها والمعلقات في رقبتها والخواتم في أصابعها فسألتها عن السبب الذي جعلها ترتدي كل هذا الذهب مرة واحدة؟فأجابت:لقد أفهمتنا الداعية أم فلان (كثر الله من أمثالها) أن لكل عضو في أجسامنا حق علينا وسيشتكي كل عضو (عاري) أمره لله تعالى يوم القيامة إذا لم نزينه بالذهب فأصابعي ورقبتي وأذناي وذراعاي كلها ستحاسبني يوم القيامة أمام الله تعالى إذا لم تلبس الذهب فلبست كل ما عندي من ذهب كي أقطع خط الرجعة على كل أعضائي التي قد تحاسبني يوم القيامة.
