رجل أعمال فلسطيني أراد أن يفتتح مطعماً له في جسم طائرة فاستورد هذه الطائرة وقام بوضعها في قرية (الباذان) الفلسطينية لكن الظروف السياسية التي مرت بها المنطقة في تلك الأيام كانت قد أوقفت مشروعه وبقيت طائرته هي الطائرة الوحيدة التي تجثم على أرض فلسطين وتنتظر ركابها لكنها لن تطير.
أجابه الرجل الغاضب بشئ من الغضب وبشئ من العتب في نفس الوقت على شعبه فقال:الشنار يا مولاي طائر جميل يحبه الناس جميعاً كما كانوا يحبوننا عندما كنا نقاوم عدونا الصهيوني في كل مكان وهو طائر يفضل الجري على المشي فلا يستطيع لهذا لا يستطيع أحد أن يمسك به أو يسجنه بينما نحن يا مولاي كنا نفضل المشي على الجري لهذا يا مولاي كان يسهل عليهم القبض علينا وسجننا حتى أنه لم يبق سجن عربي إلا ودخلناه وأقمنا به وطائر الشنار يا مولاي لا يُفاجَئ أبداً فله قدرة عجيبة على التخفي والتمويه بين الصخور والأشجار يساعده في ذلك لونه الرمادي والبني الذي لا يختلف عن لون البيئة المحيطة به.
صبغنا أجسامنا باللون الفسفوري ليميزنا العدو
أما نحن يا مولاي فهزائمنا كانت كلها مفاجآت مُبرَّرة كما أننا يا مولاي لم نتلوَّن بلون البيئة التي كانت تحيط بنا بل قمنا بصبغ أجسامنا باللون الفسفوري ليميزنا العدو فيقتلنا لنقول بعدها أننا مُتنا شهداء وطائر الشنار يا مولاي يُصدر أصواتاً تحذيرية مُميّزة عند الشعور بالخطر كي يبعد غيره من طيور الشنانير عن هذا الخطر أما نحن يا مولاي فعندما كنا نشعر بالخطر كنا نختلف مع بعضنا البعض ويلوم كل طرف منا الطرف الآخر لا بل قد يحمله جزءاً من المسؤولية إن لم تكن كلها.
دسنا على قادتنا ليرى الناس قوتنا وشدة بأسنا
ولا أحد منا كان قد لام نفسه أو كان قد خطّئها في يوم من الأيام فكل قراراتنا كانت شجاعة وكلها كانت صائبة وكلها كانت إنتصارات لهذا فنحن يا مولاي لم نذق طعم الهزيمة قط ولو لمرة واحدة عبر تاريخنا الطويل وطائر الشنار يا مولاي لا يأكل لحم أخيه لا حياً ولا ميتاً أما نحن يا مولاي فلم نكتف بقتل بعضنا بعضاً بل مثّلنا في جثث القتلى وسحبنا هذه الجثث في الشوارع أمام الناس ليرى الصديق قبل العدو قوتنا وشدة بأسنا ولكن على بعضنا بعضاً.
أعجبنا عقد المؤتمرات في الفنادق
كما أن طائر الشنار يا مولاي لا يحب الجو الحار ولذلك فهو يقضي معظم ساعات النهار داخل الأحراش وفي ظلال الأشجار وعلى رؤوس وقمم الجبال أما نحن يا مولاي فقد إستمرأنا الجلوس وراء المكاتب وأعجبنا عقد المؤتمرات في الفنادق وطائر الشنار يا مولاي قد يأكل اليرقات والخنافس والجنادب والعناكب عند الضرورة أما مناضلينا الأفاضل في هذه الأيام يا مولاي فلا يأكلون إلا في أفخم المطاعم والفنادق.
مناضلينا الأقاضل لا يركبون إلا الطائرات الخاصة ليقولوا لنا على متنها أن حياتهم ومماتهم لله والوطن
ولم يكتفوا بذلك بل أصبحوا يركبون الطائرات الخاصة ليعرضوا أنفسهم لكمرات التصوير العالمية ليتم تصويرهم بداخلها دون حياء أو خجل ليقولوا لنا من على متن طائراتهم الخاصة أن حياتهم ومماتهم كلها لله وكلها للوطن كما أن طائر الشنار يا مولاي لا يعيش منفرداً بل يعيش في أسراب قد تصل في عددها إلى أكثر من مائة طائر يقودها جميعاً طائر واحد فقط لا غير أما نحن يا مولاي فكل مائة شخص منا كانوا قد صنعوا لوحدهم (ثورة) وأخذت هذه الثورات تنافس وتخطئ بعضها بعضاً حتى نسوا الهدف الذي كانت ثوراتهم قد قامت من أجله.