
كان يا ما كان في قديم الزمان شجرة ليمون معمرة تكاد تكون أزلية في عمرها بالنسبة لي على الأقل!وكانت هذه الشجرة الكبيرة المعمرة تقع على مفترق طرق في أرض وعرة وعلى سفح جبل عال في الإرتفاع وبالقرب من عين ماء جارية مياهها صافية باردة كالشلال! فكان كل شخص يمرّ عن هذه العين يغسل وجهه ويديه ثم يشرب من نبعها الصافي ويجلس تحت شجرة الليمون الكبيرة للراحة والإستجمام مِن عَنَاء المِشْوَار وبعد أن يستظل بظلها يأكل من ثمارها ويسقيها مقابل ذلك دَلْواً مِن المَاء!.

فجأة أنبتت هذه الشجرة مِن أحد جذورها الممتدة إلى الجنوب فسيلة كي تجرب معاناة الأم حتى ولو أنها شجرة!وبدأت هذه الفسيلة ترتفع بجانب أمها وعلى بعد أمتار قليلة منها!لكن أحداً لَم يهتم بها على الرغم أن كل من كان يجلس تحت أمها كان يعلم بأنها أحق من أمها في السقاية والرعاية!لكنهم بالمقابل يعرفون أن هذه الفسيلة حتى الآن لا تسمن ولا تغني من جوع!فلهاذا كانوا يتجاهلونها لا بل يمروا عنها مرور الكرام!فلم تجد هذه الفسيلة المسكينة من يمدها بالماء غير أمها!وأخذت الأم تسقيها من مائها الخاص حتى كونت لنفسها جذوراً أخرى غير الجذر الذي يصلها بأمها وأصبحت هذه الفسيلة تعتمد على نفسها في الحصول على مائها!وما هي إلا بضع سنوات حتى أصبحت هذه الفسيلة توازي أمها بعد أن إرتفعت واخضرّت وأيعنت وأثمرت!.

فتحول الناس فوراً للجلوس تحت ظل هذه الفسيلة والإستظلال بظلها والأكل من ثمارها ولم ينسوا سقايتها في كل يوم!ونسوا الأم وثمارها بعد أن أصبحت شاهقة في الإرتفاع وأصبح الحصول على ثمارها صعباً عليهم ويحتاج منهم إلى مجهود أكبر!بعكس فسيلتها فكانت صغيرة في حجمها قصيرة في طولها يسهل عليهم قطف ثمارها وأصبحوا يسقون الفسيلة بدلاً من أمها ونسوا على الفور ما كانت تقدمه لهم الأم في الماضي!.
