هـويّـة سـيـوي


untitled218
مدينة حلب وتظهر قلعتها الخالدة

عندما ذهبت إلى مدينة حلب لاستكمال دراستي الجامعية فيها في نهاية سنة 1968 وجدت أهلها يستخدمون مفردات وجمل لا أعرف معناها، فمثلاً هم يسمون ورق العنب (يبرق) ويسمون الصحن (chanak) ويسمون الأخ (خاي)، وبدلاً من أهلا وسهلا (مييت السلامه خاي)، وبدلاً من أتركه (عيفه) ويسمون كنترول الباص (الجابي)، وبدلاً من دوغري (سيوي) أما في الرياضيات فيسمون البسط (صورة) والمقام (مخرج)، وفي الفيزياء يسمون فرق الجهد بـ (فرق الكُمُون) ويسمون الملف (وشيعة).

لبيع_باصات_تاتا__2007-i135576387477110022
محطة الباصات

وهكذا وجدت نفسي أمام الكثير من الكلمات والجمل التي لا أفهم معانيها، فأشار عليّ بعض الأصدقاء القدامى من أهل بلدي بأن أتعلم الآن ما يلزمني فقط، ولا أناقش في المعاني، بل أتركها للمستقبل القريب، فأنا بحاجة الآن إلى جملة تقولها للجابي بعد أن تركب الباص للوصول إلى الجامعة (هوية سيوي). وفعلا ركبت الباص وقلت له ما علموني وفهم عليّ ما قلت لكنني لو خاطبته بلهجتي المحلية لكانت هناك مشكلة بيني وبينه في الفهم والاستيعاب. 

1404040866_cinema-general
قاعة السينما

المهم أنني حفظت هذه الجملة دون أن أعلم معناها وبعد يوم أو يومين أردت أن أشاهد فيلماً سينمائياً ذاع صيته في تلك الأيام فقلت لمن يبيع التذاكر (هوية سيوي) فضحك الرجل وقال: هل أنت في الباص يا بني؟ هذه العبارة لا تقال إلا عند ركوب الباص؟ عندها قررت أن أفهم ما أقول وبدأت بكلمة (هوية) فوجدتها تعني أنني طالب وأستحق الخصم، أما (سيوي) فتعني أن محطة نزولي من هذا الباص هي آخر محطة، والتي تقابلها بلهجتنا المحلية (دوغري) وفي اللهجة الكويتية (سيدا) وفي اللهجة العراقية (قُبَل).

الدنيا حكايات