في الماضي الذي ليس بالبعيد لم يكن الزوج هو من يختار زوجته كما يحصل الآن، بل كان أهل الزوج هم من يختارون له زوجته دون أن يراها أو تراه. لهذا فقد يكون الزوج أكثر ذكاءً وأشد فصاحة من الزوجة وقد يكون العكس صحيحاً. كما لم يكن الطلاق شائعاً بين الناس كيومنا هذا، فكان كل من الزوج والزوجة يرضى بما كان قد قُسم له، وعلى كل منهما التعايش مع الآخر في هذا الواقع الجديد إن كان خيراً أو شراً. أما إذا وجدت المرأة نفسها تزوجت من رجل لا يجاريها في الذكاء والفطنة، عندها ستضطر إلى أخذ زمام المبادرة، لكن كيف سيكون لها ذلك؟

تثبت للناس كافة أن زوجها لا يُؤخذ بكلامه
كان على مثل هذه المرأة أن تجعل من زوجها (دُمية) تُحركها كما تريد وحتى يتم لها ذلك عليها أن تُثبت للناس كافة بأن زوجها لا يعي ما يقول ولا يؤخذ بكلامه، حتى ولو تكلم هذا الزوج عن أقوال وأفعال زوجته. وما أن تنتهي هذه الزوجة من مهمتها تلك حتى تصبح طليقة اللسان والأفعال تقول كل ما تريد وتفعل ما تشاء، إن كان خيراً أو شراً دون أن يحاسبها على قولها أو فعلها أحد، فزوجها جاهل أو لا يُعتد بقوله، وهي من ستتولى زمام القيادة.

وفي إحدى ليالي الشتاء البارد ونحن مُتحلقون حول كانون النار حدثتنا أمي (حدوثة) آخر الليل عن امرأة من هؤلاء النسوة التي تريد أن يفقد زوجها مصداقيته بين الناس فقالت:
كان يا ما كان في قديم الزمان امرأة أرادت أن تجعل من زوجها دُمية، فقامت بوضع كمية من الفلوس داخل طاقة في السور الخارجي لبيتها دون أن تُعلم زوجها بذلك، وقامت بإغلاقها وقالت له: إذا أردت يا زوجي العزيز أن تحصل على الفلوس في أيّ وقت ما عليك إلا أن تذهب إلى الطاقة الموجودة في السور الخارجي للمنزل وتأخذ منها ما تريد من الفلوس وقتما تشاء.

على الفور ذهب زوجها إلى الطاقة مسرعاً ومد يده فيها فخرجت يده وهي ممتلئة بالفلوس، فأخذ يصيح فرحاً ولم يصدق نفسه، ومن شدة فرحه بما حدث جال القرية وهو يقول: يا أهل البلد إذا أردتم الحصول على الفلوس، فمدوا بأيديكم إلى الطاقة وستجدون فيها كل ما تطلبون. وما أن سمعه أهل القرية حتى أخذوا يتهامسون فيما بينهم قائلين: لقد فقد الرجل عقله. عليكم بعد هذه الحادثة أن ترفعوا عنه القلم، ولم يعد أحد منهم يهتم أو يأخذ بكلامه حتى ولو تحدث عن زوجته وأفعالها.
