
ما حدث في الماضي الذي هو ليس بالبعيد مع إخوتنا في العراق وما حدث في الماضي القريب مع إخوتنا في ليبيا وما تلاه من أحداث غير سعيدة في اليمن السعيد وما يحدث الآن مع اخوتنا في سوريا وما سيحدث غداً أو بعد غد في بلادنا العربية الأخرى يُعيد الذاكرة لجزء كبير من أفراد الشعب الفلسطيني قبل أكثر من نصف قرن عندما لجؤوا إلى إخوانهم العرب وكلهم أمل في أن يذبحوا لهم نياقهم على العشاء كعادتهم إذا لم يتوفر عندهم طعام للعشاء غير هذه النياق كما فعل جدّهم حاتم الطائي لكنهم لم يصحوا من حلمهم هذا إلا بعد أن رأوا نياقهم وهي تذبح أمام أعينهم كي يتعشى منها العرب أنفسهم.

وبعد أن ذبح العرب نياق الفلسطينيين وأصبحوا بدون نياق أطلقوا عليهم لقب (لاجئين) وسحبوا بذلك قولتهم المشهورة: بلاد العرب أوطاني … من الشام لبغدان ولم يكتفوا بذلك بل جعلوا منهم قميص عثمان فتارة كانوا يتباكون عليهم أمام العالم كي يحصلوا على العطايا والهبات والمساعدات وتارة يقتلونهم كي يحفظوا أمنهم وأمن بلادهم بعد أن اكتشفوا أن هؤلاء اللاجئين سبباً رئيساً في كل مصائبهم وأزماتهم.

فالفلسطينيون هم الذين أفقروا العرب من بعد غنى وهم الذين جففوا ينابيع البترول من بلدانهم وهم الذين حبسوا عنهم الأمطار بعد استضافتهم ولولاهم لكانوا خير أمة أخرجت للناس وليس الفلسطينيون وحدهم هم من عادت بهم الذاكرة إلى الوراء بل أعادت هذه الحروب المتلاحقة الذاكرة أيضاً إلى كل الإخوان العرب فأخذوا هم أيضاً يتذكرون هؤلاء المغلوبين على أمرهم (الفلسطينيين) وهم يصفونهم بأبشع الصفات ولم يفكروا يوماً من الأيام بأنهم سيكونون لاجئين مثلهم.
