
الرَّجُل المُسِن: إن البعد عن الله يا ولدي، والإنشغال بأمور الدنيا وزخرفها، والإنجرار نحو ملذاتها، والتفاخر بين الناس على حساب بعضهم البعض، كان قد ولّد الحسد والغيرة بين الأقارب، حتى وصل بهم الأمر إلى حد القطيعة، حتى وإن غُلّفت هذه القطيعة أحياناً بأسباب أخرى، هم قادرون على اختراعها، وقتما يريدون، وحيثما يشاؤون، وعندما تصل الأمور بين الأقارب إلى حد القطيعة، فاعلم يا ولدي أنه سيكون من الصعب عليك أن تفارق من كانوا جزءاً منك، وأنت جزء منهم في يوم من الأيام، دون أن تتألم أو تتوجع.

ومع هذا ستكتشف في نهاية العمر يا ولدي، أنك قد تحولت إلى نسخة طبق الأصل، ممن كانوا قد قاطعوك، وستبقى يا ولدي حائراً بين قلبك وعقلك، فلا عقلك يستطيع أن يقنعك بما كانوا قد فعلوه معك، ولا قلبك يستطيع أن ينصفك منهم، لأن ظلم الأقارب يا ولدي يفتح في القلب (جرحاً) لا يندمل مع الزمن، وصدق شاعرنا العربي القديم حين قال: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة، على المرء من وقع الحسام المهند.
