
عندما دخلت مدينة عمان لأول مرة (بعد حرب الخليج)، استعنت بأحد المارة، عن مطعم أستطيع منه أن أسُدّ رمق جوعي في ذلك اليوم، فقال لي: عليك بالمطعم الفلاني، فإنك إذا لم تأكل به، فكأنك لم تأكل في مدينة عمان. شوّقني هذا الرجل الذي لا أعرفه إلى هذا المطعم، لا بل زاد من جوعي، وفي الحال بدأت أسأل عن مكان هذا المطعم، وأبحث عنه، إلى أن وجدته أخيراً، وهناك انضممت إلى طابور طويل من أمثالي، وجدتهم يصطفون أمام هذا المطعم، تحت أشعة الشمس الحارقة، على أمل أن أجد لي كرسياً شاغراً في داخله.

بدأ الطابور يزحف، وأنا أزحف معه، وبيدي حقيبة سفر كبيرة، وفوقها حقيبة سفر صغيرة، معلقة على كتفي، وكان الجو حاراً جداً، فبدأ العرق يتصبب من جسمي، والطابور يزحف، وأنا أزحف معه، إلى أن وصلت أخيراً إلى باب هذا المطعم العتيد، أي أنه أصبح بيني وبين (سيخ) الشاورما المعلق على مدخله، مسافة قليلة، وأصبحت حرارة الشواء تتوزع بيني، وبين لحمة الشاورما، وأنا لا زلت أنتظر. وما أن فرغت زاوية من زوايا إحدى الطاولات الموجودة في داخل هذا المطعم، حتى وجدتني جالساً فيها مع أناس ثلاثة لا أعرفهم ولا يعرفونني.
