
على الرغم من صعوبة وصول السلطات التركية إلى هذه القرية إلا أنها إستطاعت أن تأخذ منها بعضاً من شبابها كي يحاربوا معها في بلاد اليمن وكان منهم الرومي أحمد حسن الذي مات ودفن هناك!لكنهم بالمقابل عندما كان يأتي التحصيلدار أي جامع الضرائب في الزمن التركي قادماً على فرسه من بلدة سلفيت كان رجال القرية يرونه قبل أن يراهم فيفرون منه إلى الجبال المجاورة وعندما يصل هذا التحصيلدار إلى القرية لن يجد فيها غير الأطفال والنساء فيعود من رحلته هذه كما عاد الأعرابي بخفي حنين!.

ولا بد من التنويه هنا إلى أن تركيا كانت تفرض على كل قرية ومدينة في فلسطين ضريبة معينة على سكانها وتطرحها في المزاد العلني على المقاولين والسماسرة!ومن ترسو عليه هذه المناقصة يضيف لها عمولته ثم يعطى كافة الصلاحيات في إختيار طريقة جمعها وتحصيلها ومن أجل التهرب من دفع هذه الضريبة التي كانت تقصم ظهور أهل القرية كانوا يسجلون كل أراضي العائلة باسم طفل صغير فيها كي لا يطوله القانون!وبعد أن رحلت تركيا تولدت مشاكل كثيرة من جراء ذلك فمثلاً كانت كل أراضي عائلتنا إلى عهد قريب مسجلة باسم والدي وباقي أفراد العائلة لا يملكون شيئاً أمام القانون!.

وكان في أرض القرية نبع ماء يسمى بير المرج يقع شرق القرية ويبعد عنها حوالي 3 كم وكان هذا النبع يسقي سهلاً مترامي الأطراف بواسطة شبكة من قنوات الري الموزعة على أرضه المزروعة بأشجار التين فكان هذا المرج يبدو من بعيد وكأنه غابة من الأشجار المتشابكة حتى أنه كان بمقدور من يريد الوصول من أهل هذه القرية إلى هذا النبع أن يتنقل من شجرة إلى أخرى دون أن تطأ قدماه الأرض فيصل هذا البير وعندما فشل الأتراك العثمانيون في تحصيل ضرائبهم المترتبة على أهل هذه القرية قاموا بتخريب بير المرج وتكسير قنواته عقاباً لهم ونكاية بهم!.

لكن مع كل سلبيات العهد التركي من فقر وجهل ومرض إلا أن تركيا لم تتدخل في البنية التحتية للسكان بل تركتهم يعيشون حياتهم كما هي دون زيادة أو نقصان فقد كان الناس يحبون بعضهم بعضاً وكان التكافل الإجتماعي هو السائد بينهم في تلك الفترة وعلى إثرها قاموا ببناء المضافة لتكون المكان الذي كان يجمعهم في الليل وأثناء النهار وفوق ذلك كله كانوا يستقبلون فيها ضيوفهم وكان ضيف أحدهم يعتبر ضيفاً على أهل القرية كلها!.

وفي غياب الضيوف كانوا يأكلون ويشربون معاً في داخلها كأنهم عائلة واحدة!وكان القوي فيهم يساعد الضعيف!ومن يملك كان يعطي من لا يملك!وكانوا يساعدون بعضهم البعض في موسم الزيتون وفي نهايته يوزعون الجاروعة على من يستحقها من أهل القرية!وفي موسم حصاد القمح والشعير والفول والعدس كانوا يوزعون عرام البيدر لمن يحضر ولا يملك!.
