لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير


33333333
لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير 

كان رجل وزوجته، يعيشان معاً في بيت واحد، وما أن جاء خريف العمر، حتى وجدتهما قد اختلفا على كل شيء، لكنهما كانا قد اتفقا على إحضار خادم لهما. جاء الخادم ولم يُعلماه أنهما مُختلفان في كل شيء، وبدأ الخلاف بينهما يتزايد، لكن كلاهما لا يستطيع مجابهة الآخر مباشرة، لأن كلاً منهما يعلم وزن الآخر جيداً، واحتارا فيما بينهما كيف يختلفان دون أن يكتشفهما الناس. لم يجدا أفضل من موضوع الخادم ليكون مادة خلافية بينهما، فهما بذلك يبعدان شبهة تقصير كل واحد منهما بحق الآخر، ويظهرا للناس أن العيب في الخادم وليس فيهما.

Flag_of_Iraq_(2004-2008).svg
علم العراق

وأصبح الزوج يراقب الخادم عن بعد، فإذا طلبت منه زوجته شيئاً، ونفذه لها بالسرعة المطلوبة غضب هذا الزوج، واتهم الخادم بأن ميوله أنثوية، فهو يميل إلى سيدته أكثر من سيده، وإذا طلب منه سيّده شيئاً ونفذه بالسرعة المطلوبة، اتهمته سيدته بأن ميوله ذكرية، وهو يميل نحو سيّده أكثر، واحتار الخادم المسكين ماذا يفعل، وعندما سأله سائل عن أحواله، في البيت الذي يعمل فيه، قال قولته المشهورة: لا مع سيّدي بخير، ولا مع ستي بخير، وذهب قوله مثلا، يردده الناس على ألسنتهم بين الحين والآخر، وكلما لزم الأمر. 

53158
علم الكويت

وهكذا انتهت حرب الخليج الثانية بالفلسطينيين، بعد أن اتهمتهم حكومة العراق في ذلك الوقت، بأن ميولهم في حرب الخليج كانت كويتية، وهم يميلون إلى الكويت أكثر من العراق، وفي نفس الوقت اتهمتهم حكومة الكويت في ذلك الوقت، بأن ميولهم في هذه الحرب كانت عراقية، وهم يميلون إلى العراق أكثر من الكويت، وبهذا يكون المثل العربي السابق قد انطبق عليهم، وأصبح الفلسطينيون بعد ذلك، لا مع حكومة العراق بخير، ولا مع حكومة الكويت بخير. 

الدنيا حكايات

انهزمتُ أمام هذا الكلب فصنعتُ منه بطلاً


كيف-تختار-كلب-حراسة-لمنزلك.jpgبينما كنتُ أمارس رياضة المشي اليومي في طريق يخلو من المارة وإذا بكلب لا يبعد عني سوى عدة أمتار فقط يفاجئني، وعندما نظرتُ إليه وجدته مُتحفزاً كأسد عيونه تقدح شرراً فتخيلته وهو يقفز فوقي ويأخذ جزءاً من لحمي، وعلى الفور تذكرت ما قاله لي الناس يوماً (إذا لم تكن ذئباً فستنبح عليك الكلاب) فوجدتها فرصة سانحة لي كي أختبر صحة ما قالوه لي في الصغر، فهو واحد من عديد ما أحفظ من الأمثال الشعبية المتوارثة من جيل إلى جيل دون تمحيص أو تدقيق.

man-and-boy-stone-throwing-in-pond-GoodSalt-dmtas0334
وما أن اقتربتُ من هذا الكلب حتى رميته بحجر

وما أن اقتربتُ من هذا الكلب أكثر حتى قررت في نفسي أن أفاجئه قبل أن يفاجئني، ورميته بحجر ونَهَرتُ عليه كما كنت قد تعلمت في صغري كيف تُنهر الكلاب قائلاً له: امشي … امشي… دون أن أعلم ما تعنيه هذه الكلمات ودون أن أعلم أن الكلب يفهم ما يقال له بلغة البشر، لكنه عندما نهرت عليه جُنّ جنونه وهجم عليّ كصخرة حطها السيل من علٍ، فما كان مني إلا أن هربتُ منه لكن بصعوبة بالغة وما أن تمالكت نفسي عدتُ بسرعة إلى آدميتي وأدنتُ نفسي بنفسي لأنني كنت أنا البادئ في العدوان.

a0dd5cc0a46ff28
أنا الذي بالأمس صنعتُ من هذا الكلب بطلاً 

في اليوم التالي نسيت الحادثة تماماً ولم أتذكرها إلا بعد أن فوجئت بهذا الكلب يقف في مكانه السابق لكنه في هذه المرة يقف وقفة المُنتصر، فأنا الذي بالأمس صنعتُ منه بطلاً عندما انهزمتُ أمامه وما أن اقتربت منه أكثر حتى تعرّف عليّ بسهولة، واكتشف لوحده أنني مهزوم الأمس، عندها نظر إليّ نظرة تشفٍ وكأني به يقول: إننا حتى يوم أمس لم نكن أعداء لكنك نفذت ما لقّنك به الناس ورميت عليّ حجراً فجعلتني عدواً، ولم تكتف بذلك بل انهزمت أمامي فجعلتني بطلاً، وقد أعجبتني حياة الأبطال بعد أن جربتها معك فلن أعود إلى حياة الكلاب ثانية.

24ipj1
عرض الكلب عليّ الصلح والتفاوض 

وبعد أن تأكد هذا الكلب من فهمي لهذه النظرة المتشفية التي رمقني بها، عرض عليّ الصلح والتفاوض معه فهيأت نفسي للتفاوض بنية الصلح معه وحل المشكلة التي استجدت بيني وبينه لكنه هاجمني وحاول النيل مني قبل أن يبدأ التفاوض، فهربت منه بصعوبة أكبر هذه المرة. وبعد هذه الحادثة قررت أن لا أحكم على أحد حتى لو كان كلباً حُكماً لقنني إياه الناس وتذكرت في الحال أيضاً عدد الأبطال الذين صنعناهم بأيدينا بهذه الطريقة دون أن ندري.

imagesCA5DIN9Y
إنّك تشبه الكثير من الرجال 

وعندما مررت من نفس المكان في اليوم الذي يليه وإذا بولدٍ صغيرٍ لا يتجاوز السادسة من عمره يرمي هذا الكلب أرضاً ويضع رجله فوق رقبته وينادي على رفاقه قائلاً: هلمّوا يا أولاد ها هو الكلب تحت قدمي، والكلب مستسلم مغلوب على أمره، فنظرت إليه وهو يرزح تحت قدم الطفل وقلت له متشفياً: كلب عليّ وهرٌ عند غيري؟ إنّك تشبه الكثير من الرجال الذين يظهرون أمام الناس كلاباً تعوي في أماكن عملهم لكنهم في بيوتهم خراف لا يُحركون ساكناً.

nakba-public-domain-no-flash_0
عندما هزمتك أول مرة لم تعترف بالهزيمة 

نظر الكلب إليّ وكأني به يقول: هذا الولد الذي تراه يمتلك الإرادة والتصميم والصبر ولم يتمكن الوهم من عقله بعد ولم يُشبع بالأمثال الشعبية الوهمية مثلك، لهذا فقد تمكن مني أما أنت عندما هزمتك أول مرة لم تعترف بالهزيمة، لأنك لا تريد إعادة النظر في تلك المفاهيم البالية التي أوصلتك لها فسميتها (نكبة) أتدري لماذا سميتها نكبة؟ لتقول بعدها للناس أن هذه النكبة من عند الله تعالى ولا دخل لي بها، وتدعم قولك بالآية الكريمة: “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى” وتكون بذلك قد غسلت يديك من عار الهزيمة.

2294097084
أبدلت حرف الباء إلى سين لتحولها من نكبة إلى نكسة 

وعندما هزمتك في المرة الثانية اكتفيت بإبدال حرف السين بالباء لتحوّلها من نكبة إلى (نكسة) لتعفي نفسك من المسؤولية وتحمّلها لغيرك، أما في المرة الثالثة فقد سلبت الولد الصغير انتصاره ونسبته إلى نفسك وقمت بتغيير حرف السين في نكسة إلى تاء وسميتها (نكتة) ترويها على مسامع الناس لتغطي بها هزيمتك بانتصار الولد الصغير تماماً كما يفعل العرب والمسلمون في هذه الأيام حين يُغطون هزائمهم بانتصارات أجدادهم. 

الدنيا حكايات

مـن قـال لا أعـرف فـقـد أفـتـى


imagesV4WX1B3N
ترك له حرية اختيار المدرسة

أرسله والده المقيم في المملكة العربية السعودية إلى مدينة عمان في الأردن ليكمل تعليمه في إحدى مدارسها العريقة والمشهود لها، وترك له حرية اختيار المدرسة التي يرغب بالالتحاق بها لكنه نصحه أن يسجل في المدرسة التي كان والده قد تخرج منها وهي مدرسة مشهورة عريقة تقع في جبل عمان وعندما نزل هذا الطالب في مطار الملكة علياء الدولي ركب التكسي وطلب من سائقه أن يقوم بتوصيله إلى جبل عمان حيث تقع هذه المدرسة.

1252174638
تكسي المطار

في الطريق سأله سائق التكسي: وماذا تريد من جبل عمان؟ قال له الطالب: أريد أن أسجل في المدرسة (الفلانية) هناك فهي المدرسة التي كان قد تخرج منها والدي، ولا زال يذكرها بالخير بعد كل هذه السنين. لم يُعجب السائق بهذا الكلام بل قام بإفهام الطالب أن المدرسة التي يقول عنها كانت جيدة في الماضي، لكنها اليوم شاخت ولم تعد تلائم العصر الحالي، واستطاع بحنكته أن يقنع الطالب بأن المدرسة التي ينوي التسجيل بها هي من أسوأ المدارس الخاصة، ونصحه أن يسجل في مدرسة غيرها من المدارس الحديثة التي كان قد ذاع صيتها في طبربور.

11886141-yellow-happy-face-graduate-hat-isolated-illustration
سائق التكسي خبيرٌ في تقييم المدارس والمدرسين

فرح هذا السائق في قرارة نفسه بعد أن استطاع أن يقنع هذا الطالب بتغيير مدرسته، فقد استطاع بذلك أن يزيد من أجرته وقال في نفسه: لقد ضاعفت الأجرة في هذا المشوار وعلى الفور طلب من هذا الطالب زيادة في الأجرة التي كانوا قد اتفقوا عليها في أرض المطار، بعد أن أفهمه أن المشوار صار أطول من ذي قبل بكثير. ويعد أقل من ساعة وصلا إلى المدرسة التي رشّحها له السائق وسجّل فيها وبقي يدرس فيها إلى أن تخرج منها لكنه حتى هذه الساعة نادمٌ على اليوم الذي أصبح فيه سائق التكسي خبيراً في التعليم وفي تقييم المدارس والمدرسين.

الدنيا حكايات

فكبر عبيد الظلمة


Flies-turn-to-alcohol
عبيد الظلمة كالذباب 

يقولون:إن الخوف لن يأت من السلطان بقدر ما يأت من كلاب السلطان وهؤلاء الكلاب ينتشرون بين الرعية ويصبحون كالذباب يُسمّمون العسل عندما لا يستطيعون لحسه ليأكله غيرهم مُراً إن أبقوا لغيرهم منه شيئاً وهم صيادون مهرة في كل العصور شعارهم الوحيد من يتزوج أمي فهو عمي ويُحيطون بالمسؤول ولا يجعلونه يرى الأشياء والناس إلا من خلالهم فيُلونون له الواقع دائماً باللون الوردي ويُوهموه بأن وجوده مربوط بوجودهم وما عليه إلا تقويتهم وعندما يستقوون يُبعدوه عن الجمهور ويُصبح لا يعلم شيئاً في مؤسسته وما عليه إلا التوقيع إلى أن تأت العاصفة فيتخلون عنه ويبحثون عن السلطان الجديد.

لماذا تركت مهنة التعليم؟

أصبح الطالب هو الذي يُـقـيّـم مُعلمه


46140_3_1338933557
الزبون دائماً على حق في العرف التجاري

أصبح كل من يعمل في جامعاتنا ومدارسنا الخاصة يطلب ودّ (الطالب) الذي يُدرّسه فيها إبتدءاً من مدير المدرسة أو مدير الجامعة ومروراً بالمعلم والسكرتير والسائق وانتهاءاً بالآذن بعد أن حولوا هذا الطالب في المدرسة إلى (سلعة) تُباع وتُشترى والسلعة في العرف التجاري لا بد لها من (مدير تسويق) ومن (مندوبين) للدعاية وهذا ما أصبح متوفراً في كل جامعة أو  في كل مدرسة (خاصة) من قبل إفتتاحها وهؤلاء التجار الجدد بعد أن إستطاعوا أن يحولوا (الطالب) إلى سلعة ومن والده (زبوناً) والزبون على حق دائماً في العرف التجاري لأنه هو الذي سيدفع آخر الشهر لهذا فقد أصبح مطلوباً من الطالب في المدرسة أو في الجامعة أن يُقيّم كل من يتعامل معهم في داخل المدرسة أو في خارجها.

images2N6P0E4B
أصبح الجميع يُزاود على الجميع في  المدارس 

وعليه فقد أصبح الجميع (يُزاود) على الجميع في تلك المدارس والجامعات وأصبح مُدير المدرسة أو مدير الجامعة ومُساعدوه ومُدرسوه ومُوجهوه (يتسابقون) على نيل شرف الثقة من طلبتهم الأفاضل كل بطريقته الخاصة وحسب قربه أو بعده من صاحب المدرسة أو الجامعة وبهذا فقد زادت المدرسة أو الجامعة طلابها دلالاً فوق دلالهم في بيوتهم وأصبح المُعلم الذي يُريد أن يتقي الله ويُعلّم طلابه هو العدوّ اللدود لهؤلاء الطلبة وسوف لن ينال من أصواتهم الشئ الكثير في آخر السنة الدراسية وبالتالي لن يعمر طويلاً في هذه الندرسة أو الجامعة فبدلا من أن يرسب الطالب (المدلل) في صفه أصبح هذا الطالب هو الذي يُرسّب مُدرسيه بدلاً من أن يرسب هو في آخر السنة.

لماذا تركت مهنة التعليم؟

عينوا للمدرسة مديراً للعلاقات العامة


cksu13171442092
العمل الصحيح يُعلن عن نفسه بنفسه ولا يحتاج دعاية

أذكر وأتذكر الآن بعد هذه السنين الطويلة أن الأستاذ أنور الحناوي رحمه الله عندما كان مديراً للكلية العلمية الإسلامية في نهاية القرن الماضي كان يرفض أن يضع صورة لطالب من الطلاب الذين حصلوا على معدلات عالية جعلتهم من أوائل الثانوية العامة على طلاب المملكة في صحيفة يومية عندما كان يُطالب بذلك وكان يقول: العمل الصحيح يُعلن عن نفسه بنفسه ولا يحتاج إلى دعاية أما عندما يكون العمل خاطئاً عندها يحتاج إلى دعاية كي تجعله صحيحاً إن المبالغ التي تدفعها المدارس الخاصّة على الدّعاية عن نفسها وعن مدرائها ومُدرسيها وموظفيها في كل سنة هي أكثر بكثير من أموال الزكاة التي تدفع للفقراء والمساكين يا أولي الألباب.

لماذا تركت مهنة التعليم؟

 

كسروا هيبة الإمتحان


images2
كسروا هيبة الإمتحان 

لم يكتف هؤلاء الطارئين على مهنة التعليم بكسر هيبة الطابور الصباحي فقط بل كسروا أيضاً هيبة الإمتحان عندما جعلوا للطالب الحق في أن يسأل أو أن يتكلم أو أن يقرأ سؤالا أو أن يُجيب زميله على سؤال يسأله أثناء الامتحان أو أن يطلب أستاذه في أي وقت يشاء كي يستوضح منه ما التبس عليه فهمه من أسئلة الإمتحان والأهم من ذلك كله أنهم رفعوا شرط حضور الطالب بداية الامتحان وأصبح الطالب يحضر إلى قاعة الإمتحان وقتما يشاء!وعليه فلم يعد هناك من زمن محدد على الطالب أن يسلم في نهايته ورقة الإجابة بل أصبح كل ما هو مطلوباً منه هو فقط حضور الإمتحان!.

tawjihi2001
تصحيح أوراق الإمتحان 

أما بعد تصحيح أوراق الإمتحان فحدّث ولا حرج فقد أصبح الطالب إذا لم تُعجبه علامته يعترض ويذهب ويشكو أمره للمدير أو من ينوب عنه وهو مُتأكد من أنه لن يخرج خائباً من عنده فيقترح المدير على المعلم إعادة إمتحان هذا الطالب إما بالأمر أو بالمُخاجلة وقد يلتقطها المعلم الوصولي ويقوم بتنجيح هذا الطالب في ذلك الإمتحان دون إمتحان ليرضي مديره وتنتهي المشكلة بفوز هذا الطالب على معلمه!.

24-4-asd
معلم غير متعاون

أما إذا كان هذا المعلم مخلصاً في عمله ولا يهمه إرضاء مديره فسيُتهم بأنه يحمل السلم بالعرض وعليه أن يدخل في معركة أبطالها المُدير والطالب ووليّ أمره وقد يُستعان بالمُوجه إذا لزم الأمر ويفوز بها الطالب ويخسر بها المُعلم خسارة مادية عند كتابة التقرير آخر السنة وخسارة معنوية بعد أن أصبح غير مرغوب فيه في هذه المدرسة لأنه غير متعاون مع زملائه  ومع حضرة المدير فالتهمة جاهزة وعليه أن يبحث له عن مدرسة تقبله إذا أراد أن يبقى في سلك التعليم!.

صوره_صور_ساخرة_تعكس_p
طالب اليوم

وهم بذلك نجحوا في إضعاف شخصية المعلم أمام طلابه حتى وصل به الأمر أنه لا يجرؤ أن يُوزع أوراق امتحانه في حصته خوفاً من مواجهة طلابه فيضطرّ إلى توزيعها في غير حصته!ومثله يفعل المدير فعندما يُريد المدير أن يوزع الشهادات على طلابه يختار آخر حصة من يوم الخميس ليذهب كل طالب بعدها إلى بيته ويأتي يوم الأحد وقد نسي ما كان قد حصل معه في المدرسة!وأُنهي كلامي لكم بالمرور على قانون الغش في الإمتحان الذي يقول:إذا ضُبط الطالب يغش من برشامة في امتحان ما فلا يجوز للمراقب أن يكلمه بل يتركه يغش منها وبعد أن ينتهي الطالب من امتحانه يقوم المراقب بكبس هذه البرشامة في دفتره وعند تصحيح هذا الدفتر تخصم العلامة التي نقلها الطالب من البرشامة فقط!.

لماذا تركت مهنة التعليم؟

كسروا هيبة الطابور المدرسي


109779191
طابور الصباح مرآة تعكس سير العمل في المدرسة 

طابور الصباح في المدرسة عادة ما يكون مؤشراً على مسار اليوم المدرسي للطالب إن كان سلباً أو إيجاباً وفي الوقت نفسه يعتبر مرآة تعكس سير العمل في المدرسة بشكل عام ويعطي انطباعاً فورياً عن العلاقة القائمة بين المدير والمعلمين والطلاب لكنهم كسروا هيبته بالتغاضي عن الطلاب الذين لا يحضروه بينما جعلوه شرطاً على المعلمين فإذا تأخر المعلم حاسبوه أَما إِذا تأخر الطالب فلا يسألوه لهذا فقد أصبح الطالب ينتظر في الخارج حتى ينتهي الطابور ثم يدخل غرفة الصف دون أَن يحاسبه  أَحد.

images
 يُحْضِر الطالب ما معه إِلى الطابور 

أَما إِذا أجبر الطالب على حضور الطابور الصباحي (وهذا نادراً ما يجدث) فيقف فيه لا مبالياً بما يرى أو يسمع ولا يستجيب للتعليمات التي تطلب منه ولا ينفذها دون أَن يجد من يحاسبه أو يعاقبه أما إِذَا قُرِع جرس الطابور وكان هذا الطالب موجوداً في المقصف مثلا فَقَد يُحْضِر ما معه من شاي أَو عصِير أَو ساندويش إِلى الطابور وفي الطابور يُكمل مَا كَان يأكل أو يشرب دون حساب أو عقاب لهذا فقد الطالب أهمية البداية لليوم المدرسي الفعّال.

لماذا تركت مهنة التعليم؟

حوّل المرتزقة المدرسة إلى مزرعة


m1
أصبح عليك كمعلم أن تكون بوقاً لأحد هؤلاء الديكة 

بعد أن جاء (المرتزقة) إلى حقل التربية والتعليم استطاعوا بكل سهولة أن يحوّلوا المدرسة إلى (مزرعة) فيها بضع دُيوك مُتصارعة على إرضاء صاحب القرار بأي طريقة كانت حتى لو إضطروا إلى تزوير حقائق أو السكوت على باطل كي تبقى صورتهم في ذهن صاحب القرار دائماً (وردية) وليُظهِروا له أنه من دونهم ستقف الحياة وبهذا أصبح عليك كمعلم أن تكون (بوقاً) لأحد هؤلاء الديكة كي يحميك من شرور زملائه الديكة الآخرين في المدرسة ويُعفيك أو يُخفف عنك (إن شئت) العمل الصعب أو ليغضوا الطرف عنك في العمل بشكل عام وليغدقوا عليك العطايا المُباشرة أو غير المُباشرة والتقارير المُمتازة!.

morgannews_2013-04-25_11-45-06_khsoof
خسوف 

وإذا ركبت رأسك ولم تنضم إلى أحد الديكة فستبقى تراوح مكانك (قف)في أحسن الأحوال وستكون أنت السبب في كل خسوف أو كسوف يحدث داخل المدرسة أو خارجها لهذا لم تعد المدرسة كما كانت في الماضي قادرة على توفير البيئة الصحيحة لإنتاج المتعلمين بكل ما يستلزمه ذلك من تغيير في السلوك والذهنية ومنظومة القيم وتحملهم لمسؤولياتهم الكبيرة الملقاة على كاهلهم بل تحولت المدرسة إلى مزرعة لهؤلاء المرتزقة الذين استطاعوا أن يُفشلوا دور المدرسة والمدرس في التأكيد على أهمية العلم والمعرفة كقيمة من قيم المجتمع!.

لماذا تركت مهنة التعليم؟

ومع كل هذا كان المُعلم مفخرة


d8acd8a7d8a6d8b2d8a9-164x300
جوائز للمعلمين

رغم ظهور المفاجئة وما تلاها من صدمة إلا أنه كان للمدرس قيمة معنوية ومادية لدى جميع طبقات المجتمع في ذلك الوقت فكانت المدارس جميعها تقبل أبناء المدرس مجاناً مهما كان عددهم!وتوفر لهم الزي المدرسي صيفاً وشتاءاً بالمجان مع وجبة إفطار يومية وكان المدرس يختار مدرسة أولاده وعلى الصعيد الشخصي لن أنس في يوم من الأيام أن أخي الأصغر كان قد قُبل في جامعة الكويت لكوني مدرساً في وزارة التربية وفوق ذلك كله كان يُقبل إبن المدرس في الصف الأول الإبتدائي أقل عمراً من الطالب العادي بثلاثة شهور وكانت تُعطى للمدرس رخصة لقبادة السيارة دون إمتحان وإذا وجد هذا الإمتحان فيكون شكلياً فلن أنسى ذلك الشرطي عندما سألني عن مهنتي وعلم أنني مدرساً عندها قال لي يالحرف الواحد: يا أستاذ أنت تمتحن الناس ولا تُمْتَحْن أنت ناجح لا بل أكثر من ذلك فكانوا إذا إرتكب المدرس مخالفة مرورية أو غيرها من المخالفات البسيطة يسامحونه.

untitled
كان الحلاق يتفنن في قص شعر المدرس

وكانت شركات القطاع الخاص الكبيرة تعطي المدرس (خصماً) على جميع مشترياته وتقبل كفالته لنفسه عند الشراء بالأقساط بينما غيره من الموظفين كان يحتاج إلى كفيل لهذا كان يفتخر كل من له قريب أو صديق مدرس لأنه سيساعده على شراء حاجياته حتى الحلاق كان يتفنن في قص شعر المدرس إذا علم ذلك الحلاق أن من يحلق له مدرساً هذا عدا عن أن الوزارة توفر لهذا المدرس وأسرته السكن المفروش الملائم وتعمل على صيانة مرافق هذا السكن على مدار السنة وكانت الوزارة تُوفر لمن يريد من المدرسين وجبة إفطار يومية في المدرسة هذا عدا عن التكريم الذي كان يلقاه من إدارة المدرسة والوزارة وأولياء الأمور المقتدرين مادياً وكان وجوده ضرورياً في كل جاهة أو حفلة أو إجتماع.

news_222272
الكُلِّيَّة العِلْمِيَّة الإِسْلَامِيَّةِ في جبل عمان

ودارت الأيام على المدرسين حتى تولاهم من لا يخاف الله فبعد أن كانت المدارس تسعى خلفهم وتمنحهم مختلف أشكال التكريم المعنوي والمادي أصبحت تتهرب حتى من أبسط إلتزاماتها نحوهم وليس أدل على ذلك مما ترون من كتب الشكر التي إمتلأ بها ملفي الشخصي فيما مضى مما يدلل على عطاء عال في بدايات طريقي المهني إلا أنني لأم أتلق حتى ورقة واحدة أو حتى كلمة شكراً من آخر مدرسة عملت بها خمسة عشر سنة متتالية وهي الكلية العلمية الإسلامية في جبل عمان كنت في قمة عطائي بها بعد أن تراكمت لدي خبرات مختلفة في التعليم حيث حصدت هذه المدرسة كل خبراتي وَشَهِد لِي الجَمِيع بها بالأمانة والإخلاص وَالأَدَاء المُتْقَن والخبرة العالية.

image
المدرس موظف مطلوب منه إرضاء الزبائن (الطلاب) 

مع أنني ألوم إدارات هذه المدرسة المتعاقبة تحديداً لكنهم جزء من نظام عام كان قد  أفقد المدرس هَيْبَتَه وكينونته التي كان يتمتع بها في ما مضى وأصبح المدرس في نطرهم موظف مطلوب منه إرضاء الزبائن (الطُّلَّابُ) في كل ما يريدون دون أي إعتبار للرسالة التي يؤديها وإذا ما بقي حال من يمسك بزمام أمور التعليم في بلادنا العربية على ما هو عليه الآن سوف لن تجدوا من يعلم لكم أبنائكم في الغد القريب.

لماذا تركت مهنة التعليم؟