خط الهدنة


13178994_1134167173317744_7957439369964267575_n
هب مسرعاً كمن صحا من نومه على كابوس مرعب

هب صاحب الفرس مسرعاً كمن صحا من نومه على كابوس مرعب وعندما وصل لابسي القبعات الزرقاء وجدهم يدقون أوتاداً إسمنتية ويصلون بينها بأسلاك شائكة فسألهم عما يقومون به؟فأجابوه بأنهم يرسمون خط الهدنة بينكم وبين جيرانكم ويمنع عليكم بعد  هذا اليوم أن تدخلوا أرض جيرانكم وبعد نظرة سريعة شك في أحدهم فله سحنة عربية وعندما دقق النظر أكثر وإذا (بالمختار) يتوسطهم فسأله على الفور كيف تقبل يا مختار بهذا الوضع؟فأجابه المختار قائلاً:الدهر اللي ما بيجي معك تعال أنت معاه وعندما سمع صاحب الفرس كلام المختار له لم يعثر لسانه إلا على حسبي الله ونعم الوكيل.

854b60bc2f5600366870f55231b20e8f
خط الهدنة

وجاء خط الهدنة الذي رسمه لابسي القبعات الزرقاء فأخذ معه أرض صاحب الفرس وما عليها من مزروعات ومحاصيل وخضروات صيفية ولم يترك له سوى بضعة دونمات جرداء حول بيته ولم يكتف راسموا هذا الخط بذلك بل منعوه حتى من الإتجاه غرباً فأصبح يرى أرضه بعينه لكن قدماه لا تجرأ على دخولها أما فرسه فقد فهمت لوحدها ما حصل لأنها لم تعد تأكل من برسيمها وشعبرها ولم تعد تزاول الأعمال الزراعية اليومية التي كانت تمارسها سابقاً حتى أن فجوة في العلاقات بينها وبين صاحبها بدأت في الطهور .

الحصان الأبيض

القبّعات الزرقاء


untitled81
القبعات الزرقاء

وما هي إلا بضعة أيام كانت قد خلت حتى فوجئ صاحب الفرس برجال من ذوي البشرة البيضاء يرتدون قبعات زرقاء كلون عيونهم يدقون أوتاداً إسمنتية تفصله عن أرضه ثم يضعون عليها أسلاكاً شائكة لتعيقه وتمنعه من الوصول إليها فاحتار في الأمر وتذكر في الحال الذين رحلوا عن أرضهم وديارهم قبل مدة وفهم الآن أكثر لماذا كانوا يرحلون؟ولماذا كانوا يبكون؟فندم أشد الندم على عدم مساعدتهم في ذلك الوقت والقيام بواجبهم وفهم أنهم رحلوا هم بالأمس وهو راحل لا محالة اليوم والقرية الشرقية التي كانت تجاور قريتهم سترحل غداً وتأكد من أن ما أصاب راحلوا الأَمس سيصيبه غداً أو بعد غد.

الحصان الأبيض

إحتجّت فرسه على رحيلهم


untitled80
 البيوت المهجورة 

لكن ما لفت انتباهه أكثر أن فرسه احتجت له على من رحلوا وقالت:إلى أبن هؤلاء القوم ذاهبون؟وأين تركوا أغنامهم وأبقارهم؟ولمن تركوها؟ومن الذي سيحلبها من بعدهم؟ولمن تركوا أشجارهم ومزروعاتهم؟ومن الذي سيقطف ثمارها من بعدهم؟ومن الذي سيركب خيولهم؟ومن الذي سيسكن في بيوتهم من بعدهم؟ومن الذي سيرفع الآذان من فوق مساجدهم؟أين الرجال يا أشباه الرجال؟.

download (4)وتابعت قائلة:كنت أسمع منكم أن الرجال قومون على النساء على الرغم أن النساء تملك عقولاً تضاهي عقول الرجال أليس من الأولى أن يكون الرجال قوامون على الأشجار التي زرعوها والحيوانات التي اقتنوها والبيوت التي سكنوها والأرض التي حرثوها قبل أن يكونوا قوامين على النساء؟أيجوز لهم أن يتركوا كل هذا ويكتفوا بالقوامة على النساء فقط؟أرجوك أن تبلغهم بأن من يترك بيته اليوم سوف لن يجد له مثيلاً في حياته وسيبقى نادماً عليه طيلة حياته!.

الحصان الأبيض

فلسطين في أواخر العهد التركي


3
فلسطين تحت الحكم التركي

لم يخطر في بال الأتراك العثمانيين يوماً أن يُغيروا في الخارطة السياسية لفلسطين لهذا كانوا قد رفضوا كل ما كان يعرض عليهم من الصهيونية العالمية ولم يُفكروا يوماً من الأيام في تغيير البُنية التحتية للمجتمع الفلسطيني بل كان جُلّ اهتمامهم ينصب على تحصيل أكبر كمية من الضرائب التي كانوا يفرضونها على هذا الشعب دون أن يُقدموا له أية خدمات تُذكر لهذا فقد ساد الجهل والفقر والمرض مما جعل حياة الناس تخلو من الرفاهية والإستهلاك.

10338332_1492695100949068_923191543070327640_n
وكانوا يعيشون على ما يزرعونه

وكانوا يعيشون على ما يزرعونه فلا يأكلون الخضار والفواكه إلا في مواسمها وكانوا ينتظرون كل موسم من هذه المواسم على حدة فما أن ينتهي موسم حتى يبدؤوا في انتظار الموسم الآخر وكان من يزرع بيده يأكل ومن لا يزرع يعيش عالة على غيره بشكل أو بآخر لكن كيف له أن يزرع دون أن يحرث الأرض ويفلحها؟وكيف له أن يفلح أرضه بمفرده؟ فكان لزاماً عليه أن يستعين بالفرس في حياته اليومية بعد أن جرّب الحمير والبغال لكنها لم تتجاوب معه كالخيل وأصبح من يوفقه الله في الحصول على فرس مثار حسد الجميع.

الحصان الأبيض

لم يعترف بالحصان الأبيض أحد من قريته


حصان
عندما وصل إلى بلده لم يعترف به أحد من أبناء قريته

عندما وصل الحصان الأَبيض إلى قريته بعد هذه الرحلة الشاقة المتعبة وعندما سار في شوارعها لم يتعرف عليه أحد من أهل قريته بعد أن كان ناراً على رأس علم فيها وكانت حجتهم في ذلك أن لونه كان قد تغير وزاد وزنه وطال شعره فقال لهم:ويحكم يا أهل القرية أنا الحصان الأبيض فقالوا له:نعم أنت الحصان الأبيض لكنك كنت قد تركتنا طيلة هذه الفترة وانشغلت بنفسك ونسيت القرية وأهلها فقال لهم الحصان الأبيض:ألم يصلكم الحمام الزاجل الذي كنت أرسله لكم عن بعد ليبيض ويفرخ عندكم؟أين فراخه؟فقالوا له:نحن كبار في السن لا نخالط صغارنا وأشاحوا بوجوههم عنه ولم يعترفوا به وانفضّوا من حوله. 

الحصان الأبيض

إحتل النمل المجاور المرج الأخضر


 

Ants congregating on a white painted gate
النمل المجاور 

بعد أن انتهى النمل (المجاور) من حربه مع (العناكب) التي كانت قد أهلكت الحرث والنسل تحالف هذا النمل المجاور مع النمل (الجائع) والنمل (الحاسد) وغزا المرج الأخضر وأكل الأخضر قبل اليابس وجعله قاعاً صفصفاً وعاث فيه فساداً ولم يستمع قائد هذا النمل  المجاور لنملة (ذكية) كانت قد طالبته بالخروج السريع من المرج الأخضر وعودة كل نملة مجاورة إلى مسكنها الأصلي قبل أن يأتي سيدنا سليمان بجيوشه ليحطم هذا النمل الغازي!.

الحصان الأبيض

وأخيراً وصل إلى المرج الأخضر


5517alsh3er
وأخيراً وصل الحصان الأبيض إلى المرج الأخضر

وطال الطريق الذي كان قد سلكه الحصان الأبيض للوصول إلى (المرج الأخضر) وكاد الندم يتسلل إلى نفسه على القيام بهذه الرحلة لكن دليله كان يشجعه بين الفينة والأخرى ويوهمه بأن الدرب قصير وفجأة بدأ يشعر من خلال أرجله أن الأرض تحت أقدامه بدأت تتغير ولكنه غير مصدق لما تقول له أرجله وبداه فلا بد أن يرى بعينه فوسع من حدقات عينيه ليرى فيها أكثر وإذا به يسير على أرض مسفلتة فِي مرج أخضر شاسع الأطراف فيه من العشب والماء والنخيل والأشجار الشئ الكثير فأخذ يرعى العشب الأخضر ويشرب الماء ويأكل ما لذ وطاب من الفواكه وعندما غلبه النعاس نام على عشب النجيل الأخضر.

imagesXP1LPYB7
وأصبح بمقدوره الآن أن يذهب إلى أي مكان يريد 

وبعد انقضاء فترة من الزمن وهو على هذا الحال طال شعر ذيله الذي كانوا قد قصوه له وهو في الطريق إلى المرج الأخضر لا بل عاد أطْول من ذي قبل وبدأ يكدح لتحسين حياته أولاً بعد أن دله اُحدهم على شبرة الخضار والفواكه وهناك استأجره أناس من جميع الجنسيات والملل وكان كل من يُحمله حملاً يُطعمه مما كان يُحمله وبقي على هذا الحال حتى أنه نسي المشي على الرمال والغوص فيها ونسي معها الجبال ووعورتها والأهم من ذلك كله أنه أصبح الآن في مأمن من الجوع والعطش والخوف وأصبح بمقدوره أن يذهب إلى أي مكان يريد ويفعل ما يريد دون مراقبة من المختار.

الحصان الأبيض

هرب الحصان الأبيض منهم إلى الصحراء


yndiple4
وهرب الحصان الأبيض منهم إلى الصحراء

هكذا وجد الحصان نفسه في وضع لم يألفه من قبل فهو الذي كان معززاً مكرّماً في بلده وفوق ذلك كانت أمّة شهيدة فلم يركب على ظهره أحد!وتسائل في نفسه:هل الناس هنا يعلمون بأن أمي شهيدة؟وهل يعامل أبناء الشهداء هكذا؟لكنه صبر على ما أصابه من ألم فأعطاه الله القوة فرمى من يركبه أرضاً واستمر على نفس السرعة التي كان قد بدأ بها إلى أن تأكد له أنه في مأمن منهم وبعدها وجد نفسه يسير في صحراء قاحلة على طول مد البصر لا عشب فيها ولا ماء وعندما حل عليه اللبل لم يجد مكاناً يقيه هذا البرد القارص ولا شيئاً ليأكله لكنه حاول أن يأكل من بعض النباتات الصحراوية من حوله فانغرس شوكها في جسمه وحاول أن يجد الماء ليشرب فلم يجد فأضناه الجوع والعطش والبرد والخوف وغلبه النعاس فنام. 

الحصان الأبيض

وجد الحصان الأبيض نفسه وحيداً


imagesG2A1FMGN
وجد الحصان الأبيض نفسه وحيداً في العراء!

وحد الحصان الأبيض الصغير نفسه وحيداً في العراء وأصبخ لزاماً عليه بعد هذه اللحظة أن يتخذ قراراته بنفسه بعد أن كان معفى منها في السابق عندما كان يعيش مع قطيعه في القرية!فالقطيع كان هو الذي يتخذ القرار وما على الحصان الأبيض إلا التنفيذ!واحتار الحصان الأبيض في أمره فهل يصعد جبلاً؟ أم ينزل وادياً؟أم يجلس في مكانه؟أم يواصل مسيره؟وفي لحظة من هذه اللحظات الصعبة فكر الحصان الأبيض في العودة إلى قريته ليكون مثله مثل بقية الخيول التي تأكل وتشرب وتنام ولا دخل لها في ما يحدث حولها لكنه عندما تذكر أمه وأعدائه والمختار قرر عدم العودة مهما كثرت عليه المصاعب والمشاكل!. 

الحصان الأبيض

ضاقت الأرض بخيولها


ظ…ط±ط§ط¹ظٹ ظپظ„ط³ط·ظٹظ†
بعد أن سرقت الأرض من أصحابها قلت المراعي الخضراء فيها!

بعد أن سُرِقت الأرض من أصحابها قلت المراعي الخضراء في القرية على الخيول ولم يعد العشب الأخضر يكفيها وأصبحت هذه الخيول تبحث عن العشب الأخضر عند الجيران الأعداء!فاحتج الأعداء إلى الأصدقاء!واحتج الأصدقاء بدورهم إلى المختار!واحتج المختار إلى مالكي الخيول!واحتج مالكوا الخيول على خيولهم!وأصبحت الخيول مطاردة من الحميع الصديق قبل العدو!بحجة تعكير صفو الأمن والأمان للجيران المغتصبين!وبعد أن ضاقت الأرض بخيولها بدأت بعض هذه الخيول بتجهيز نفسها للرحيل إلى الأمريكتين الشمالية والجنوبية ذات المراعي الخضراء للهروب من مطاردة الأصدقاء قبل الأعداء لهم!.

الحصان الأبيض