بنك الأسرة


 

imagesATFWBHX1
مفتول

كان كل بيت من بيوت القرية في الماضي يقتني ما تيسر له من طيور الدجاج البلدية البياضة (لم نكن قد تعرفنا بعد على الدجاج اللاحم) كي تكون بديلا لأهل هذا البيت عن اللحمة لو غابت ولهذا كانوا لا يذبحون دجاجة من دجاجاتهم إلا إذا مرضت أو أنها أصبحت عُتقيّة (لا تبيض) أو عند قدوم ضيف عزيز عليهم وكنا كأطفال نفرح إذا مرضت عندنا دجاجة أو إذا لم تعد تبيض أو إذا حل ضيف عزيز علينا وهذا يعني لنا كأطفال أن دجاجة اليوم سنذبح لكننا لم نكن نعرف كيف ستطبخ هذه الدجاجة؟أهي ستتوسط سدراً من المفتول أم تعلو أرغفة عديدة من المسخن.

imagesH335F536
بنك الأسرة

هذا بالنسبة لنا كأطفال أما بالنسبة إلى أمهاتنا فكن يعتبرن بيض الدجاج هو بنك الأسرة الوحيد فذبح دجاجة عندهن يعني أن أحد فروع هذا البنك قد أغلق لأن بيض الدجاج في ذلك الزمان كان هو المصدر الوحيد لدخل الأسرة وكان لهذا البيض مشترين متجولين بين القرى يقومون بشرائه كل بيضة بقرش ومن هذا القرش كانت المرأة تشتري من الباعة المتجولين ما يلزمها وما يلزم بيتها أيضاً وإذا كان عندها أولاد في المدارس كانت تشتري لهم متطلباتهم المدرسية وفوق ذلك تدخر من هذا القرش للأيام القادمة والأهم من ذلك كله أن هذا البيض كان بمثابة الوجبات السريعة في هذه الأيام لها ولزوجها وأولادها.

imagesohvu11ba
دجاجة راقدة

ولم تكن أمهاتنا يستسلمن بسهولة عند ذبح إحدى دجاجاتهن فكن يقمن بمحاولات عديدة قبل ذبج إحداها فكن إذا مرضت لإحداهن دجاجة تسلم أمرها إلى الله وإذا حضر عندها ضيف عزيز فلا حول ولا قوة إلا بالله أما إذا امتنعت دجاجة من دجاجاتها عن إنتاج البيض لترقد فعلى هذه الدجاجة أن تتعرض يومياً إلى دش من المياه الباردة من قبل صاحبتها إلى أن تعود بياضة وإذا لم تعد هذه الدجاجة بياضة فيقدر عليها الذبح في أقرب فرصة سانحة.

13501749_1553609324948257_5601750599770323461_n
مُقر للدجاج محفوراً في صخرة كبيرة

ولإدراك أهمية الدجاج في حياتنا اليومية في الماضي فإنك لو تتبعت كل بيت من بيوت آبائنا وأجدادنا لكنت قد وجدت فيه (حفرة) في الصخر الموجود في (قاع الدار) تُملأ بالماء على الدوام ليشرب منها الدجاج على راحته في كل ساعات النهار وتسمى هذه الحفرة (مقر الجاج) أما إذا لم يوجد في قاع البيت صخراً فكانوا يحضرون صخرة كبيرة وينحتوا بداخلها مقراً ويملؤوها بالماء ليشرب منها الدجاج. 

ذكريات في بلدنا

أضف تعليق