العيش العيش يا مصحف الله


1275587379
كانوا لا يشترون الموز إلا إذا مرض أحد أفراد الأسرة

كان أهل قريتنا، (وأنا منهم)، والقرى المجاورة لها في القرن الماضي، لا يأكلون إلا ما يزرعونه في أرضهم وبساتينهم بأيديهم، ونادراً ما كانوا يشترون شيئاً، لم يزرعوه ليأكلوه، لضيق ذات اليد، ليس إلا، فمثلا كانوا لا يشترون (الموز)، إلا إذا مرض أحد أفراد الأسرة مرضاً (حقيقياً)، وليس كأمراض هذه الأيام، ولا يشترون (اللحمة)، إلا في المناسبات العامة، كعيد الأضحى المبارك، أو في المناسبات الخاصة، عندما يزورهم ضيف عزيز عليهم.

untitled
خبز وزيت 

وكان كل ما يطلبه آباؤنا، وأمهاتنا، وأجدادنا، وجداتنا، من أهل قريتنا، والقرى المجاورة لها، في ذلك الوقت، هو توفر مادتي الخبز وزيت الزيتون فقط، وما عدا ذلك من خضار ولحوم وفواكه وحلويات ومكسرات، كانوا يعتبرونه نوعاً من أنواع الرفاهية، لا أكثر ولا أقل، وكانوا مقتنعين في حياتهم ختى أنهم كانوا عندما يبدؤون في أكل الخبز والزيت، ومعهما البصل يبسملون، ليطردوا بهذه البسملة الشياطين من حولهم، خوفاً من أن تزاحمهم على وجبتهم الشهيةتلك.

270
لو غاب المصحف يحلفون على رغيف خبز

وعندما كانوا ينتهون من الأكل يقولون: الحمد لله على ما قسم وقدّر، اللهم أدم هذه النعمة، واحفظها من الزوال، وكانت لقمة الخبز قد وصلت عندهم إلى حد القداسة، فكانوا يحلفون عليها لو غاب المصحف، وكانوا يسمونها مصحف الله، ولو مر أحدهم عن قطعة خبز ملقاة على الأرض، لرأيته ينقضّ عليها، ويتناولها، ويقبلها ثلاث مرات، ثم يضعها فوق رأسه، قائلاً: العيش العيش يا مصحف الله، ثم يأكلها أو يضعها في مكان آمن، بعيداً عن مواضع أقدام الناس، ليضمن بذلك أن لا يدوس عليها أحد.

ذكريات في بلدنا

أضف تعليق