
كان أهل قريتنا، (وأنا منهم)، والقرى المجاورة لها في القرن الماضي، لا يأكلون إلا ما يزرعونه في أرضهم وبساتينهم بأيديهم، ونادراً ما كانوا يشترون شيئاً، لم يزرعوه ليأكلوه، لضيق ذات اليد، ليس إلا، فمثلا كانوا لا يشترون (الموز)، إلا إذا مرض أحد أفراد الأسرة مرضاً (حقيقياً)، وليس كأمراض هذه الأيام، ولا يشترون (اللحمة)، إلا في المناسبات العامة، كعيد الأضحى المبارك، أو في المناسبات الخاصة، عندما يزورهم ضيف عزيز عليهم.

وكان كل ما يطلبه آباؤنا، وأمهاتنا، وأجدادنا، وجداتنا، من أهل قريتنا، والقرى المجاورة لها، في ذلك الوقت، هو توفر مادتي الخبز وزيت الزيتون فقط، وما عدا ذلك من خضار ولحوم وفواكه وحلويات ومكسرات، كانوا يعتبرونه نوعاً من أنواع الرفاهية، لا أكثر ولا أقل، وكانوا مقتنعين في حياتهم ختى أنهم كانوا عندما يبدؤون في أكل الخبز والزيت، ومعهما البصل يبسملون، ليطردوا بهذه البسملة الشياطين من حولهم، خوفاً من أن تزاحمهم على وجبتهم الشهيةتلك.
