
تبدأ ثقافة البكاء عند الأطفال منذ نعومة أظفارهم لا بل في أيامهم الأولى عندما يسمعون أمهاتهم وهن يقلن لهم:لن ترضعوا حتى تبكوا وسترضعوا إذا بكيتم وهذه الثقافة هي التي ينشأ عليها أطفالنا وتظل ترافقهم لفترة ليست بالقصيرة من أعمارهم فالأم في هذه الفترة تهمل رضيعها حتى يرتفع صوته بالبكاء وبعدها تقرر إرضاعه وبعد أن ترضعه ويشبع ترميه جانباً ولا تعود إليه إلا إذا بكى ثانية وبهذا تكون هذه الأم قد عوّدت طفلها على أن البكاء هو سلاحه الوحيد للحصول على ما يريد أو للتهرب مما لا يريد.

وتستمر معاملة الأم لطفلها بهذه الطريقة إلى أن يكبر فيصبح هذا الطفل لا يحصل على أي شي يريد (سواء كان هذا الشيء حقاً مشروعاً له أو لا) إلا بعد البكاء والصياح وعندما يكبر هذا الطفل أكثر ويبدأ يطلب من والدته شراء شيء ما:لا تشتريه له مباشرة أو ترفض شرائه بكل صراحة بل تبدأ في مماطلته فإما أن تيأس هي من ترديد الطلب على مسامعها أو أنها تستجيب لإلحاحه الشديد بعدما تفقد الأم القدرة على تحمل إزعاج طفلها لها والأهم من ذلك كله أن هذه الأم قد تتجاهل طلبات إبنها إذا كان مؤدباً وغير ملح في الطلب أما عندما يصر ويبكي فتحقق له كل طلباته ورغباته وكثيراً ما تقول له أمه:لا ثم تتنازل لوحدها دون سبب يذكر فقط كي تهرب من الإلحاح.

وكثيراً ما تعد الأم طفلها بجائزة أو هدية ثم تتنصل من إلتزامها هذا بأعذار واهية وهذه الطريقة في التعامل مع طفلها ترسخ في ذهنه أن البكاء هو السلاح الوحيد للحصول على ما يريد أو للتهرب مما لا يريد خصوصاً أمام الآخرين لأنه يعتقد أنه بطريقته هذه يحرج الوالدين ويدفعهما للرضوخ والإستجابة لطلباته وهذا ما يجعل الأم في كثير من الأحيان تشعر بالحرج من طفلها عندما تكون في مكان عام وهو يصرخ بأعلى صوته للحصول على ما يريد وهي بذلك تكون قد نسيت أن معرفة الطفل لحقوقه وواجباته بشكل واضح يجعل التعامل معه أسهل وأوضح ولا حاجة للمماطلة وتنسى كذلك أن تقول لطفلها أنك ستحصل على كل حقوقك دون مطالبة ولن يفيدك البكاء والصراخ في الحصول على ما ليس لك.
