
ما أن فازت المعلمة الفلسطينية “حنان الحروب” بجائزة أفضل معلم على مستوى العالم كله، لم أبارك لوزير التربية ولا لمدير التربية ولا لمديرة المدرسة ولا حتى إلى إتحاد المعلمين، فهؤلاء كلهم كانوا قبل أن تفوز حنان بجائزتها لا يعلمون عنها شيئاً، بل كل ما خطر في بالي الحكاية الشعبية الفلسطينية (نص مصيص). وهذا الاسم في العادة يُطلق على على كل مستضعف، ومنه اشتق الفنان الفلسطيني الراحل ناجي العلي شخصية “حنظلة” التي جعلها شعاراً وشاهداً على كل أعماله.

أما نص مصيص هذا فهو طفل فلسطيني يتيم، كان قد عاش مع أمه وحيداً في كوخ صغير في إحدى قرى فلسطين. عندما رأى هذا الطفل شباب القرية وهم يعتلون خيولهم ويحملون بنادق صيدهم بأيديهم ذهب لأمه يبكي وطلب منها أن تسمح له بالخروج معهم للصيد، فقالت له أمه باستهزاء: من أين لك فرس لتركبها؟ فقال لها: أمشي على قدماي، ثم قالت له: ومن أين لك خرطوش صيد؟ فقال لها: مُقحار الطابون سيكون خرطوشي.

وافقت الأم على طلب ابنها هذا ولكن على مضض، فأسرع نص مصيص وأحضر المقحار من الطابون وقام بتثبيت خيط من القنب في طرفيه فأصبح على شكل (بارودة)، وقام بتعليق هذا المقحار في كتفه ولحق برفاقه الخيّالة بعد أن دعا ربه قائلاً: يا رب أنت وحدك الذي تعلم بحالي، ساعدني يا ربي. وعندما وصلوا إلى مكان الصيد وإذا بغزال يمر من أمامهم فقام كل واحد من الخيالة بإطلاق النار عليه دون أن يصيبه أحد منهم.

أسرع نص مصيص ورمى على الغزال مقحاره فأرداه جريحاً، وفي الحال تناول مُوسَه من جيبه، وقام بذبحه وعلقه بكتفه. وفي طريق عودتهم إلى القرية رأى أرنباً برياً فسبقهم وضربه بمقحاره وتمكن من صيده، ثم تفاجؤوا برفٍّ من الشنانير يطير من أمامهم فرمى عليه مقحاره فصاد منه ثلاثاً، وعندما دخلوا القرية تعجب الناس في صيد نص مصيص دون زملائه، ونسوا أن الله يقف مع المستضعفين بشرط أن يعملوا ويصبروا.

هذا ما حدث مع المعلمة الفلسطينبة حنان الحروب عندما دخلت مسابقة أفضل معلم في العالم، لتنافس ثمانية آلاف معلم من جميع أنحاء المعمورة، وتمكنت من منافستهم جميعاً إلى أن وصلت إلى قائمة تضم أسماء 40 معلماً ومعلمة من نحو 26 دولة، ونافستهم جميعاً إلى أن وصلت إلى قائمة أقصر تضم عشرة أسماء، منهم ثلاث معلمات وسبعة معلمين من الهند وباكستان وأستراليا وكينيا وفنلندا واليابان والولايات المتحدة وبريطانيا.
