الـكُـبّـارة


MTU5OTA=
كانت البيوت تبنى بالحجر والشيد وبهذا الشيد أيضاً كانوا يدهنون جدران وسقوف بيوتهم من الداخل والخارج!

في عصر الخلافة التركية كانت البيوت في القرى الفلسطينية عموماً وفي قريتنا بشكل خاص تُبنى من الحجر والتراب والماء و (القصل)!وما أن ذهبت تركيا وجاءت بريطانيا حتى تطورت الحياة بهم أكثر!وأصبحت البيوت تبنى بالحجر و (الشيد) قبل ظهور الإسمنت!وبهذا الشيد أيضاً كانوا يبيضون (يطرشون) جدران وسقوف بيوتهم من الداخل أو من الخارج!وكانوا فوق ذلك يضيفون هذا الشيد إلى المخللات بأنواعها وخاصة الزيتون للتسريع في نضوجها!فكيف كانوا يحصلون على مثل هذا الشيد في ذلك الوقت يا ترى؟.

BenQ Corporation
إختيار المكان!

من أجل كل هذا كانوا قد إخترعوا ما كانوا يسمونه (الكبارة) ولعمل مثل هذه الكبارة كان يجتمع القادرون على العمل (الشاق) و (الطويل) و (المتواصل) في القرية ويتفقوا فيما بينهم على إقامة (كبارة) لهم فيقومون باختيار مكان مناسب لها بحيث يتوفر حول هذا المكان نباتات برية كالنتش واللبيد والقنديل وغيره ويكون هذا المكان بعيداً عن الأشجار (المثمرة) وقريباً على القرية لتقديم الخدمات اللازمة لهم.

11916105_905281636225484_5078766538168307472_n
كبارة قديمة

ومثل هذه الشروط لا تتوفر إلا في بداية جبل راس مقحار (النتقة) وفي (الجور) في منتصف جبل راس القرينعة أو في (الطبيل) وبعد أن يختاروا الموقع بعناية يبدؤوا بحفر (جورة) واسعة وعميقة في الأرض بأيديهم وبالأدوات التي كانت لديهم وبعد أن يتم حفرها يحضرون حجارة من نوع خاص (حثانية) ويقوم أحد البنائين بإسناد جدران هذه الحفرة بهذه الحجارة حتى تصل سطح الأرض وما أن تكتمل حتى يقوم بعقدها على شكل (قبة) وهذه القبة تنتهي بحجر يتركونه بارزاً ولها فتحة طويلة تحت مستوى سطح الأرض ولهذه الفتحة مدخل لإدخال النتش والحطب من خلالها.

files
وهم يحملون الكبابيش فوق رؤوسهم

بعد ذلك ينتشروا في الأماكن الغنية بالحطب ويبدؤوا في (قش) النتش واللبيد والقنديل وتكويمه ورصه فوق بعضه بعضاً ويضعون فوقه بعض الحجارة ويسمى عندئذ (كباش) وبعد أن ينتهوا من صنع هذه الكابيش عليهم نقلها إلى الكبارة فيأتي كل واحد منهم بكيس من (الفل) ويلبسه على رأسه ويغطي به ظهره أيضاً كي يحمي به نفسه من الشوك ويحمل معه (دكران) ويغرزه في الكباش ويرفعه فوق رأسه ويسير به إلى الكبارة وهو يردد مع رفاقه أهازيج وأغاني كانت تساعدهم على تحمل مثل هذا العمل الشاق! 

Powdered_lime_Best_quality
الشيد الجاهز للبيع

ثم بعد ذلك يقومون بإشعال النار في داخل الكبارة وكلما إحترق الحطب الذي بداخلها يقومون بإضافة المزيد من هذا الحطب من خلال الفتحة وتستمر هذه النيران مشتعلة فيها ليلاً نهاراً إلى أن يسقط الحجر الذي في أعلى القبة وهذا مؤشر على نضجها فيوقفوا النيران ويتركوها إلى أن تبرد فتتحول حجارتها إلى شيد ثم يقومون بفتحها وبيع أو توزيع هذا الشيد عليهم بالتساوي!.

ذكريات في بلدنا

أضف تعليق