
في عصر الخلافة التركية كانت البيوت في القرى الفلسطينية عموماً وفي قريتنا بشكل خاص تُبنى من الحجر والتراب والماء و (القصل)!وما أن ذهبت تركيا وجاءت بريطانيا حتى تطورت الحياة بهم أكثر!وأصبحت البيوت تبنى بالحجر و (الشيد) قبل ظهور الإسمنت!وبهذا الشيد أيضاً كانوا يبيضون (يطرشون) جدران وسقوف بيوتهم من الداخل أو من الخارج!وكانوا فوق ذلك يضيفون هذا الشيد إلى المخللات بأنواعها وخاصة الزيتون للتسريع في نضوجها!فكيف كانوا يحصلون على مثل هذا الشيد في ذلك الوقت يا ترى؟.

من أجل كل هذا كانوا قد إخترعوا ما كانوا يسمونه (الكبارة) ولعمل مثل هذه الكبارة كان يجتمع القادرون على العمل (الشاق) و (الطويل) و (المتواصل) في القرية ويتفقوا فيما بينهم على إقامة (كبارة) لهم فيقومون باختيار مكان مناسب لها بحيث يتوفر حول هذا المكان نباتات برية كالنتش واللبيد والقنديل وغيره ويكون هذا المكان بعيداً عن الأشجار (المثمرة) وقريباً على القرية لتقديم الخدمات اللازمة لهم.

ومثل هذه الشروط لا تتوفر إلا في بداية جبل راس مقحار (النتقة) وفي (الجور) في منتصف جبل راس القرينعة أو في (الطبيل) وبعد أن يختاروا الموقع بعناية يبدؤوا بحفر (جورة) واسعة وعميقة في الأرض بأيديهم وبالأدوات التي كانت لديهم وبعد أن يتم حفرها يحضرون حجارة من نوع خاص (حثانية) ويقوم أحد البنائين بإسناد جدران هذه الحفرة بهذه الحجارة حتى تصل سطح الأرض وما أن تكتمل حتى يقوم بعقدها على شكل (قبة) وهذه القبة تنتهي بحجر يتركونه بارزاً ولها فتحة طويلة تحت مستوى سطح الأرض ولهذه الفتحة مدخل لإدخال النتش والحطب من خلالها.

بعد ذلك ينتشروا في الأماكن الغنية بالحطب ويبدؤوا في (قش) النتش واللبيد والقنديل وتكويمه ورصه فوق بعضه بعضاً ويضعون فوقه بعض الحجارة ويسمى عندئذ (كباش) وبعد أن ينتهوا من صنع هذه الكابيش عليهم نقلها إلى الكبارة فيأتي كل واحد منهم بكيس من (الفل) ويلبسه على رأسه ويغطي به ظهره أيضاً كي يحمي به نفسه من الشوك ويحمل معه (دكران) ويغرزه في الكباش ويرفعه فوق رأسه ويسير به إلى الكبارة وهو يردد مع رفاقه أهازيج وأغاني كانت تساعدهم على تحمل مثل هذا العمل الشاق!
