
هذا الذي أنوي أن أحدثكم عنه، هو معلم فلسطيني من الرعيل الأول، كما يحب أهل الكويت أن يسمونهم، والرعيل الأَول، هم جيل من المعلمين الفلسطينيين الذين كانوا قد غادروا فلسطين إلى الكويت، طواعية في أربعينات القرن الماضي، عندما كان الكويتيون مكيفهم طين البحر، وثلاجتهم حِبٌ من الفخار، ولم يكن بالكويت شيئٌ من مغريات هذه الأيام، بل كان الدافع الوحيد لهؤلاء المعلمين، هو ما تعلّموه، وما علّموه لغيرهم فيما بعد، بأن بلاد العرب أوطاني، من الشام لبغدان، لا حباً في المال أو الجاه، كما يفكر نفر غير قليل من الكويتيين في هذه الأيام.

حضر للتعليم في الكويت من مدينة القدس. وفي أحد الأيام، وأثناء مناوبته في إحدى الفرص، تجمع طلابه من حوله، وسأله أحدهم بكل براءة الأطفال: ما أصلك يا أستاذ؟ فقال له الأستاذ: أنا يا ولدي من بلاد يسمونها فلسطين، فقال له الطالب: وبماذا تشتهر فلسطين يا أستاذ؟ فقال له الأستاذ: تشتهر فلسطين يا ولدي، بالحمضيات، والخضروات، والفواكه، وتتحول أرضها في فصل الربيع إلى بساط أخضر، بعد أن تتفجر في أرضها الينابيع، وتجري بين جبالها الوديان والشعاب.
