
كان النبي أيوب عليه السلام، كثير المال، كثير الأولاد، كثير الأنعام، وبين ليلة وضحاها، ذهب منه كل ماله، ومات جميع أولاده، ونفقت أنعامه، وفوق ذلك كله، إبتلاه الله عز وجل، بمرض عضال، أقعده في بيته، سنين طوال، ومع كل هذا، بقي شاكراً عابداً لله تعالى في محنته الكبيرة هذه، وطال مرضه، حتى لازمه ثماني عشرة سنة، وعلى إثر ذلك، انقطع عنه الناس جميعهم، ولم يبق أحد منهم، يحن عليه ويرعاه، في مرضه هذا، غير زوجته.

وظلت زوجته تحنو عليه، وترعى له حقه، وتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجاته اليومية، ولا تفارقه أبداً، إلا عندما كانت تقوم بخدمة الناس الأغنياء بالأجرة، كي تفي بمقومات حياتهما اليومية، فهي وحدها التي كانت تعرف قديم إحسانه عليها، وعلى غيرها، وتقدر حسن معاشرته لها، في حالة السراء التي كان قد مر بها، وعندما ضاق عليها الحال أكثر، قامت ببيع نصف شعرها، لبعض بنات الملوك، لتصنع لها ولزوجها من ثمنه طعاماً، وعندما علم نبينا أيوب بذلك، حلف على زوجته يميناً، لئن شفاه الله من مرضه، ليضربنها مائة جلدة فقط لا غير.

واستمرت هذه الحالة الصعبة، على نبي الله أيوب وزوجته، طيلة ثماني عشرة سنة، وهما صابران صبراً جميلاً، على هذا البلاء الرباني، دون شكوى أو تذمر من هذا المرض اللعين، ومحتسبان هذا المرض إلى الله تعالى، وفي أحد الأيام، دعا نبينا أيوب ربه، ليخرجه من هذه المحنة، وهذا البلاء حيث، قال: ربي مسّني الضر، وأنت أرحم الراحمين، فاستجاب الله لدعائه هذا، وشفاه من مرضه، وأعاد إليه كل ما كان قد افتقده، من صحة ومال وأنعام وحلال، وعادت الأمور إلى نصابها.

ولم يبق على نبينا أيوب غير البر بيمينه، الذي كان قد حلفه على زوجته، عندما كانت قد باعت نصف شعرها لبنات الملوك، لتسديد فاتورة الحياة اليومية لها وله أثناء فترة مرضه الطويلة، وعندما همّ نبينا أيوب بمعاقبتها، تدخل الله سبحانه وتعالى بينه وبين زوجته في آخر لحظة، بأن أمره الله أن يأخذ حزمة من أعواد نبات الريحان عددها مائة عود، ويضرب بها زوجته ضربة واحدة، وبذلك لا يحنث في يمينه، الذي كان قد حلفه عليها.
