
عندما أردنا السفر أنا وإخوتي ووالدتي من الكويت إلى عمان لم نجد طيراناً مباشراً إلى عمان فكان علينا أن نذهب إلى بيروت أو إلى البحرين ثم نتجه إلى عمان لأننا من مواطني إحدى الدول المغضوب عليهم آنذاك والتي أطلقوا عليها اسم دول (الضد) فتشكلت على الفور شركة مصرية لنقل هؤلاء الركاب المغضوب عليهم من الكويت إلى بلدانهم اسمها (زاس) لأن مصر من دول (المع) وكنا أول من ركب في أولى طائراتها المتجة إلى عمان.

نزلنا في مطار الملكة علياء الدولي وكنت أنا وأمي أوّل من نزل من ركاب الطائرة على أرض المطار ولن أنس موظف الجوازات عندما اندهش من وجودنا في المطار فطائرتنا ليست مدرجة في جدوله فسألنا على الفور:أي طائرة نقلتكم؟فقلنا له:زاس من الكويت فقال:أهلاً وسهلاً بكم في بلدكم وعندما خرجنا من المطار وجدنا جدي لأمي في استقبالنا وسار بنا إلى مدينة أبو نصير حيث كان يقيم مؤقتاً عند خالتي القادمة من دزلة الإمارات.

في اليوم التالي اتصلنا تلفونياً بوالدي الموجود في الكويت لنطمئن عليه ويطمئن علينا ولن أنس صعوبة الاتصال التلفوني في ذاك الوقت فقد كان من يملك خطاً تلفونياً كأنه يملك خاتم سليمان ومنهم من استغله أبشع استغلال وكنا قد بعنا السيارة وكل أثاث منزلنا في الكويت بناءً على إشاعة تقول:أننا ممنوعون من الإقامة والعمل في الأردن لأننا مواطنون فلسطينيون لكننا قمنا بشحن بعض أغراضنا الخفيفة إلى عمان وبعد أن وصلت ذهبت مع والدتي وأحضرناها من الجمارك.

أذكر أنني ذهبت مع جدي إلى مدينة الجبيهة الترويحية في عمان ولعبت بجميع ألعابها وما أن دخلتها حتى تذكرت جدي وهو في زيارته الأخيرة للكويت عندما كنا قد أخذناه معنا إلى مدينة ألعاب الدوحة في الكويت التي كانت تشبهها وفي الطريق مازحته بقولي له:واحدة بواحدة والبادئ أكرم يا جدي عندها ضحك وقال:كل شئ في هذه الحياة يا جدي قرضة ودين حتى دموع العين طبعاً لم أفهم ما قاله لي جدي ومع هذا لم أطلب منه المزيد من التوضيح.

بعدها التقيت بأستاذي علي الشراونة إبن صاحب المكتبة التي كنت قد عملت معه في الكويت أيام الاحتلال وكان هذا اللقاء بالنسبة لي مفاجئة كبيرة لم أكن أتوقعها في يوم من الأيام بعدها ذهبت إلى مدينة الزرقاء عند أقارب لنا وتعرفت عليهم ونسيت أن أقول لكم أنني في أبو نصير كنت أذهب مع أولاد خالتي لنشتري البوظة من البقالة لكنها كانت بعيدة عنا فنأخذ صحناً مملوءاً بالثلج كي تحتفظ البوظة ببرودتها ولا تذوب.

وأخيراً وصل والدي إلى عمان سالماً غانماً وذهبنا معه لنزور أحد أصدقاء العائلة في مدينة أبو نصير فأقنعه صديقه بعدم سفره معنا إلى سلفيت الآن بل عليه أن ينتظر هنا في عمان ويبحث عن عمل وسكن لنا وما أن يجدهما نعود من سلفيت ونعيش معه هنا في عمان واستعد صديقه أن يساعده في البحث عن عمل وسكن وكان والدي قد اقتنع بنصيحة صديقه فغيّر على الفور خطته السابقة وقرر إرسالنا إلى سلفيت وحدنا ويبقى هو في عمان للبحث عن عمل وسكن فإذا تم ذلك سنعود إلى عمان ثانية وإذا لم يتحقق ذلك فسيلحق بنا بعد أن نكون قد انتظمنا في المدارس هناك.
