الأيام التي قضيتها في سلفيت


scan10206
أقاربي من الأطفال الذين هم من جيلي 

وصلت سلفيت مُتعباً مُرهقاً نتيجة للإجراءات الأمنية المُملة التي واجهتني على جسر العودة وما أن وصلت البيت حتى وجدت الأهل والأعمام والأخوال والأقارب والأصدقاء يلتفون من حولنا ومعهم أولادهم وبناتهم وعلى الفور انضممت إليهم في اللعب فنسيت التعب الذي كنت أشعر به والأهم من ذلك كله أنني وجدت من الأطفال من هم من جيلي كي ألعب معهم فأولاد عمي وأولاد خالي وأولاد عمتي كلهم من جيلي تقريباً فقد زهقت الوحدة التي كنت أعيشها في الكويت لأن إخواني كانوا أصغر مني بخمس سنوات.

download (2)
مديرية التربية والتعليم في طولكرم

في اليوم التالي ذهبت مع والدتي إلى مديرية التربية والتعليم في طولكرم لإحضار قبول إلى مدرسة سلفيت وإذا بهم لا يعترفون بالسنة التي قضيتها في الكويت بأنها سنة دراسية لذا كان لا بد من إخفاء شهادة الانتقال التي بحوزتنا وسيكون البديل هو دخول امتحان في المواد الدراسية الرئيسة وبناءً عليه يتحدد الصف الذي أُقبل به وهكذا كان فقد أدخلوني إلى اختبارات في جميع المواد الدراسية ونجحت فيها وسجلت في المدرسة ولم يفتني العام الدراسي.

imagesCA8NV66I
لم أكن أجيد التصرف عندما يأتي الجيش الإسرائيلي 

كانت الانتفاضة الفلسطينية على أشدّها عندما ذهبت إلى المدرسة مشياً على الأقدام لأول مرة فأنا لم أعتد على هذا الوضع الجديد حيث كنت أذهب بسيارة والدي للمدرسة وأحضر معه والجديد كذلك أنني لا أجيد التصرف عندما يأتي الجيش الإسرائيلي ويقتحم المدرسة عندها أكون آخر الهاربين لأنني لا أعرف كيف أهرب؟وإلى أي مكان أهرب إليه؟مما اضطرني إلى أن أبقى ملازماً لابن عمتي الذي كان معي في الصف نفسه لكن الأهل كانوا يراقبون الموقف عن كثب فإذا قدم الجيش الإسرائيلي وتفرق الأولاد أجد أمي وعمي وخالي وجدي كلهم يبحثون عني ليوصلونني إلى بر الأمان إلى أن أتقنت لعبة الهرب وأصبحت من أول الهاربين.

1167723995
لم أشاهد منظر التين هذا في أي مكان في العالم

أحببت الحياة والعيش في سلفيت رغم مضايقة الجيش الإسرائيلي وعلى الرغم من قصر المدة التي قضيتها هناك فأنا لم ولن أشاهد منظر التين هذا في أي مكان في هذا  العالم ولأنها كانت أول تجربة لي أعيشها بين أهلي وأقاربي وفي بلدي حيث هنا أعرف الجميع والجميع يعرفني وما هي إلا أيام قليلة حتى بدأت فترة صعبة أخرى في حياتي أعادتني إلى المربع الأول فأنا لا أعرف أين سيكون المُستقَر؟هل سأبقى هنا في سلفيت أو أعود إلى عمان؟لكن من حسن حظي أن هذه الفترة لم تدم طويلاً فقد استدعانا والدي لنعيش معه في عمان بعد أن وجد العمل والسكن هناك. 

download (3)
مدرسة سلفيت 

أحببت المدرسة بكل ما فيها والمدرسون أحبوني أيضاً وأسفوا بل وفوجئوا عندما علموا أنني سأغادرهم إلى عمان فقد كنت من الطلبة الذين يساعدون المدرس ولا يحبطونه أثناء الحصة عارض الأهل خروجنا  إلى عمان لأنهم لا يريدون للمأساة أن تتكرر لكن القرار كان بيد والدي وليس بيدهم وقد اتهم أخوالي وأعمامي والدي بأنه هاوٍ للمتاعب والمشاكل لأنه طلبنا لنعيش معه في عمان.

مذكرات طفل عربي فلسطيني عن حرب الخليج

أضف تعليق