
لم يصبروا على أكبرهم سناً ولم يعطوه الفرصة كي يوضح لهم وللمنادي التهمة الباطلة التي كانت قد التصقت بالفلسطينيين على مر الزمن بأنهم لا يحبون بعضهم بعضاً ولا يثقون بغيرهم وقبل أن ينهي أكبرهم سناً كلامه طالبوه بالتوقف فوراً عن الكلام بحجة أن ما يقوله للمنادي يؤخرهم في الوصول إلى هدفهم الذي كانوا قد حضروا من أجله وما هي إلا لحظات حتى بدأت الوفود الفلسطينية تتقدم نحو المنادي والتفوا حوله على شكل دائرة واحتار المنادي فيمن يمثل الفلسطينيين منهم فأشار بيده إليهم طالباً منهم الكلام فانبرى له رئيس أحد هذه الوفود فقال:

أنا يا مولاي من يمثل عرب 1948 أقولها بالفم المليان نحن أحق الناس في أن نكون الممثل الشرعي الوحيد للفلسطينيين عند الله لأن أخوتنا العرب كانوا قد أهملونا طيلة هذه السنين العشرين الماضية حتى أنهم نسونا بقصد أو عن غير قصد لا أعلم لا بل سحبوا عنا عروبتنا وفلسطينيتنا وسمونا عرب 1948 على الرغم بأنا نحن من رابط في المسجد الأقصى ونحن من دافع عن القضية الفلسطينية من الداخل ونحن من سالت دمائهم أيام النكبة ونحن من شارك في المظاهرات العارمة ونحن من تحمل التمييز العنصري لدولة الصهاينة إلى هذا اليوم فمن حقنا أن تعود لنا عروبتنا وفلسطينيتنا أمام الله بعد أن سحبوها منا في الدنيا طيلة هذه السنين السابقة.

فقاطعه شخص يقابله فقال: أنا من يمثل عرب 1967 مع احترامي لك ليس كل ما قلته صحيحاً فنحن كنا أول من استقبلكم بعد رحيلكم من بلدانكم وكنا قد اقتسمنا الرغيف معكم وبقينا في أرضنا مثلكم تماماً لكن الفرق بيننا وبينكم أننا بقينا في محيطنا العربي ولم نتصل مع العدو لا بل كنا أرضاً للحشد والرباط في كل المعارك العربية التي اندلعت لتحرير فلسطين لهذا نحن أحق منكم في التمثيل عند الله.

فاحتج عليه شخص آخر يقف بجانبه فقال: كلاكما بقي في أرضه ولم تذوقا مرارة التشرد والحرمان والجوع والخوف نحن سكان المخيمات أحق منكم في التمثيل عند الله لأن الفلسطيني الحقيقي هو من عاش في المخيمات ولم يغادرها رغم ظلم ذوي القربى له وقساوة العيش حتى أن العدو لم يكتف بما فعله بنا في أرضنا بل لاحقنا وضربنا في مخيماتنا واستطعنا أن نتحمل ضرباته السابقة واللاحقة وصمدنا في وجهه عشرات المرات لهذا نحن أحق منكما في التمثيل.

فاحتج شخص آخر يقف أمامه وقال: أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها ولشعبها المقدام صانع ثورتي من يحق له تمثيل الفلسطينيين هو فتح وفتح وحدها فقط لأنها بعد أن انطلقت في عام 1965 استطاعت تحويل شعبنا الفلسطيني من لاجئين إلى ثوار بينما كان الآخرون يلمزون ويغمزون بأن أمواتنا قتلى وليسوا بشهداء ومنهم من اتهمنا بتوريط الأمة العربية في حرب لم يستعدوا لها.

فاحتج شخص آخر يقف خلفه فقال: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين نحن فتية من غزة أطلقنا لحانا ونقبنا نسائنا وقصّرنا ثيابنا وآمنا بربنا وبمحمد نبينا وحررنا غزة من اليهود ومن عملائهم وفي طريقنا إلى تحرير تونس واليمن ومصر وسوريا وأصبحنا بذلك الأقرب إلى الله تعالى من أي شخص آخر لن نسمح لأي كان أن يمثل الفلسطينيين غيرنا ومن يجرؤ على ذلك سنقطع أرجله وأيديه من خلاف ثم نمثل فيما تبقى من جسده وسنرقص بجثته في الشوارع كما كنا قد فعلنا بالأمس في غزة ومن منكم لا يعجبه ذلك فليشرب من بحر غزة.
