
الرجل في العادة يُحب حماته أكثر من أمه في بداية الزواج على الأقل لسبب بسيط ألا وهو أن أمه هي التي كانت قد عجنته وخبزته فهي بالتالي تعرف خيره من شره لكنها لا تُظهر لحماته إلا الوجه الحسن فيه بعكس حماته فهي لا تعرف عنه إلا ما رَشَح لها من أمه أو من ابنتها عنه في أيام الخطوبة وفي العادة تكون صورة الرجل عند حماته وردية لا سيما إذا كانت إبنتها إختارته زوجاً لها أما في حالة الزواج التقليدي فالأم تكون مضطرة لتجميل صورة ابنها أمام حماته كي تقبل به زوجاً لابنتها.

وتستمر صورة الرجل الوردية في مخيلة حماته حتى ينتهي العام الأول من الزواج (عام الحب وإطفاء الغرائز) بعد ذلك تبدأ ألوان صورة الرجل عند حماته تبدو أكثر وضوحاً من ذي قبل في حالة الزواج التقليدي أما إذا كانت البنت هي التي إختارت زوجها فتبدأ التقارير الواردة عن الرجل إلى حماته من ابنتها تأخذ منحى آخر يكون أقرب إلى الواقعية وتبدأ الصورة الوردية التي كانت قد رسمتها ابنتها في مخيلة أمها عن زوجها في فترة الخطوبة والعام الأول من الزواج تتغير ألوانها لتأخذ جميع ألوان الطيف الشمسي.

وحماة الزوج عموماً تحب وتأمل أن يكون زوج ابنتها أفضل من زوجها وهو الرجل الوحيد في حياتها الذي تتمنى له أن يكون أحسن حالاً من زوجها أما أم الزوج فتعتقد في قرارة نفسها أن ابنها لا يمكن له أن يجد عروساً أفضل منها أو حتى مثلها ومن هنا يبدأ التناقض بين أم الرجل وحماته وفي الحال تتحالف حماة الزوج مع إبنتها ويرسمان معاً خطة بعيدة المدى فحواها أن يبعدان الرجل عن أهله ولكن على مراحل ويبدآن بخلق مشاكل يومية متلاحقة مع الحلقة الأضعف أي إخوته وأخواته وخالاته وعماته لإبعادهم عن الطريق وبعد أن يتحقق لهما ذلك يتجهن إلى الحلقة الأقوى وهي والديه.

وأول أسلوب تقوم به حماة الزوج وابنتها هو استعمال الجزرة والعصا مع والدا الزوج، فمرة يمدحن أمه على حساب أبيه ومرة يمدحن أباه على حساب أمه ومع الزمن ستخف علاقة هذا الزوج مع أحد والديه أو كلاهما ثم يقمن بعد ذلك بزيادة الطين بلة وذلك بإقناع هذا الزوج أن والديه يحبان إخوته أكثر منه ويقمن بضرب الأمثلة المنتقاة جيداً من أرض الواقع فيصدق المسكين ذلك وما هي إلا سنوات معدودة حتى ينفردن به بالكامل وقد يحالفهن الحظ ويموت أحد والديه أو كلاهما عندها يخلعنه من أسرته عنوة ويدخلنه في أسرتهن إلى أن يصبح فرداً من أفراد هذه الأسرة الجديدة.

ومع مرور الزمن سيكتشف الزوج لعبة أخرى من لعب حماته عليه دون أن يدري بعد أن يجد حماته كانت قد أعدت له زوجته على نار هادئة في سنوات عديدة فهي التي استطاعت أن تجعل من ابنتها خلطة سرية لا يفهمها أحد غيرها ثم قامت بعد ذلك بتسويقها له خلال ساعات معدودة وذلك بعد أن تكون قد أوصت إبنتها بالتظاهر بالطيبة والتسامح والمسكنة والصمت الزائد إزاء كل ما تراه وتسمعه من زوجها ومن أهله في السنوات الأولى من الزواج وبالمقابل سرعان ما تكتشف الحماة أيضاً لعبة زوج إبنتها عليها بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال إبنتها عندما كان قد أوحى لها أنه يختلف كثيراً عن زوجها فتجده مثله مثل كل الرجال ولا يختلف عنهم بشيء.

ومع مرور الزمن يكتشف الرجل حماته أكثر فأكثر لا بل يكتشف ماضيها الذي كانت قد أخفته عنه طيلة هذه السنين وذلك من خلال سلوك زوجته معه وتصرفاتها مع أهله ومع الآخرين فهي سرعان ما تأخذ في تقليد أمها في ماضيها وبالمثل تكتشف حماته زوج إبنتها أكثر فأكثر بشكل مباشر أو عن طريق ما يتسرب لها من إبنتها فهي ستضع أمها في كل صغيرة وكبيرة في حياتها مع زوجها ومع أهله دون أن تُعلم زوجها بذلك وتبدأ العلاقة بين الرجل وحماته بالانحسار إلى أن تصل إلى حد التنافر مما يجعل الزوجة في حيرة من أمرها فهل تقف في صف أمها أم في صف زوجها؟.
