
بدأ المنظر من أمامي يتغير ويتحسّن ولون الأرض بدأ يخضرّ والأشجار من حولي أخذت تتزايد بكثرة فأدركتُ لوحدي ودون مساعدة من أحد أننا نقترب من العاصمة العراقية بغداد أما كيف عرفت ذلك؟لأن العراق بلد عربي والبلاد العربية جميعها دون استثاء تهتم وتعتني فقط بعواصمها دون مدنها الأخرى فالسلطان وحاشيته يسكنون فيها والوفود الزائرة له لا ترى غير العاصمة على الرغم أن كل العرب يُقرّون ويعترفون بأن كلب الشيخ شيخاً مثله لكن من يعيش منهم عادة في كنف السلطان غير من يعيش مع كلابه.

أخيراً وصلتُ بغداد مُنهكاً جائعاً فما كان مني إلا أن حجزت في أحد الفنادق الواقعة في ساحة الوثبة ثم وضعت أغراضي في الفندق وأسرعت إلى السوق كي أتناول وجبة من الطعام أسد بها رمقي وعندما دخلت أحد المطاعم حضر النادل ومعه قائمة الطعام الذي يقدمه مطعمه مُرحباً وبعد أن قرأت ما بهذه القائمة من أصناف لم أتعرف على أي صنف منها لكن عليّ أن أختار فاخترت تشريب لوجود حرف الشين به ظناً مني بأنه يقترب من المشاوي.

ولما أحضر النادل التشريب الذي طلبت وإذا به خبز ومرق لا يمت إلى المشاوي بصلة فاعتذرت منه قائلاً:أنا يا أخي رجل غريب ولا أعرف أصناف الطعام عندكم أريدك أن تبدله لي بنصف دجاجة مشوية فقال النادل:سيدي الكريم نحن في العادة لا نبدل الطعام للزبائن ولكن بما أنك تقول عن نفسك أنك رجل غريب فسأقوم بتبديله لك لكنك يا ولدي تقول عن نفسك أنك رجل غريب ـ ولا غريب إلا الشيطان ـ جنابك من أيّ بلد؟فقلت له:أنا من الأردن.

فقال:عجباً أخي الكريم أنت من الأردن الشقيق وتسمي نفسك غريباً؟ليكن معلوماً لديك أن عيني اليمين فرشة وعيني اليسار مخدّة لأهل الأردن وبسرعة البرق أحضر لي هذا الرجل الطيب نصف الدجاجة التي طلبتها منه لكنها للأسف كانت غير كاملة الشواء فتركتها كما هي ثم شكرته وغادرت مطعمه لأتجول في أسواق بغداد وبعد أن تجولت في هذه الأسواق لم يعجبني شيئاً يُذكر فيها رغم كثرة المعروض فيها لأن من يأتي إلى بغداد من الكويت في ذلك الوقت لن يجد شيئاً جديداً يُذكر.
