
شيخ وزوجته في خريف العمر خرجا من فلسطين المحتلة متجهين إلى الديار المقدسة لآداء مناسك العمرة بعد أن أعطوه أولاده جهاز موبايل كي يسهل الإتصال به عند اللزوم وعندما علم أهل وأقارب وأصدقاء هذا الشيخ أنه كان قد أنهى مناسك العمرة وهو في طريق عودته إلى أرض الوطن وما أن وصل هذا الشيخ إلى نقطة العبور الإسرائيلية حتى إنهال أهل وأقارب وأصدقاء هذا الشيخ باتصالاتهم الهاتفية أثناء وجود هذا الشيخ في خضم معركته مع اليهود على الجسر.

أما عن هذه المعركة لمن لا يعرفها فعليه أن يخلع حزامه وعقاله وحذاؤه وسترته ويمر تحت آلة التفتيش الإلكتروني دون أن تصرخ وإذا صرخت هذه الآلة في وجهه عليه أن يفتش نفسه بنفسه ويعاود الكرة مرة أخرى وإذا خرج من تحت هذه الآلة فعليه أن يلملم أغراضه ويقوم بلبسها وينتظر فحص أوراق جواز سفره ورقة ورقة وبعد ذلك يأخذ جواز سفره ويلتحق بأحد الطوابير لختم أوراقه ومن ثم العثور على حقيبته ويقوم بعرضها على الجمارك الإسرائيلية وما أن تنتهي هذه الإجراءات المعقدة يكون قد فقد أعصابه.

واحتار الشيخ بين أن يواصل معركته مع اليهود وبين أن يرد على مكالمات محبيه فما كان منه إلا أن كظم غيظه أمام اليهود خوفاً منهم وبقي كذلك إلى أن خرج من نقطة التفتيش وما أن دخل الشيخ وزوجته باب الحافلة التي ستقلنا جميعاً إلى مدينة أريحا حتى بدأ الشيخ يفرغ ما بجعبته عن الحب والمحبين وبدأ في الكلام لوحده دون أن يستشيره أو يطلب منه أحد حيث قال متطوعاً لكل من هم في الباص وأنا منهم:الله … الله … على الحب وأيامه والمحبين ولياليهم خاصة عندما يأتي هذا الحب في غير زمانه وفي غير مكانه لقد تذكرني كل من يدعي محبتي وأنا بين يدي اليهود في نقطة التفتيش والله ما في حدا بحب حدا … إلا كله نفاق في نفاق.

وفوراً بدأت أتناغم مع هذا الشيخ دون أن أعرفه من أجل أن أخفف من نقمته على الحب وعلى المحبين فقلت له:ما حبيت حدا في زمانك يا حاج؟فقال:حبيت كل الناس يا ولدي حبيت إخوتي وأولادهم وأخواتي وأولادهن وخالاتي وأولادهن وعماتي وأولادهن وأعمامي وأولادهم وأخوالي وأولادهم وكلهم والحمد لله نسوا الحب الذي كان قد أحببته لهم في صغرهم.
