
وأخيراً، تحقق حلمي القديم، ودخلت مدينة بيروت، وبدأت على الفور، أقرأ كل ما كتب على اللافتات الكثيرة المزروعة، على أكتاف الطرق، والشوارع، والساحات العامة، ومن خلال النظرة الأولى إلى هذه اللافتات، رأيت التاريخ، والجغرافيا، والفن، والجمال، والعصرنة، والتسويق، والسياسة، والماضي، والحاضر، والمستقبل، والأهم من ذلك كله، وجدت بيروت هي الأقدر بين عواصمنا العربية، على تجديد شبابها، والنهوض من كبوتها في كل مرة، وما لفت إنتباهي في بيروت أكثر، أنهم يستعملون كلمة (خرضوات)، بدلاً من (خردوات)، وكأنهم يكتبون ما يلفظون.

أثناء ذلك، بدأ الدليل يُسوّق مطعماً معيناً للسمك في بيروت، وادعى بأنه الأحسن والأنظف، وبعد أن ذهبنا معه إلى ذلك المطعم، لتناول وجبة الغداء، وإذا به مطعم يديره سماسرة، والدليل واحداً منهم، لكن هذا الدليل استطاع أن يضعنا تحت الأمر الواقع، فنحن كنا في غاية التعب والجوع والإرهاق، وبعد أن دخلنا مطعمه هذا، وطلبنا الأكل، لم نأكل منه شيئاً، ودفعنا ثمنه مبلغاً من المال، بعد أن تضاعف سعره بالسمسرة.
