حراس الحدود العربية


untitled186
حُـرّاس الـحـدود الـعـربـيـة

حرّاس الحدود العربية ليس لهم علاقة بالشعارات القومية التي ترفعها حكومات دولهم في عواصمها، وليس مطلوباً منهم تطبيقها في مواقع اختصاصهم، فبعد أن هزموا العدو الصهيوني في البحر والبر والجو لم يبق أمامهم إلا أن يهزموه على أغلفة جوازات السفر للمسافرين الفلسطينيين علهم يجدونه، وقد يجدونه فيفرحون، أما عن ماذا يبحثون؟ هم يبحثون عن مادة صمغية على غلاف جواز السفر المطلوب فإذا وجدوها وجدوا ضالتهم فهذا يعني أن صاحب هذا الجواز قد زار فلسطين بغض النظر إن كان صاحب هذا الجواز طفلاً أو شيخاً أو عجوزاً أو حتى لو كانت إمرأة، وعلى صاحب هذا الجواز أن يعود إلى المكان الذي قدِم منه بغض النظر عن المعاناة والتكاليف المادية.

domain-0d66bc0e64
مدينة نابلس المتهمة بالزيارة

وعندما وصلنا نقطة الحدود السورية أخذ الدليل جوازات السفر للمجموعة وذهب بها إلى الموظف لختمها وقد ختمها جميعاً إلا جواز سيدة عجوز كانت معنا من مواليد مدينة نابلس فقد أصرّ هذا الموظف على أن تحضر هذه العجوز أمامه ليراها بعينيه وعندما حضرت قال لها: هل أنت من مدينة نابلس؟ قالت له: نعم قال لها: هل ذهبت إلى نابلس؟فتدخل زوجها وقال له: نحن نعيش في دبي ولم نذهب إلى نابلس، فقال لها الموظف: أنت كبيرة في السن والكذب حرام، اعترفي أنك كنت في نابلس وأسامحك ولم تعترف العجوز بما يريد واستمر الحوار بينهما إلى أن تدخل الدليل بطريقته الخاصة عندها سمح لها هذا الموظف بالدخول.

سهام-الشعشاع
محطات إذاعية جديدة لم أسمعها في الأردن

انطلق الباص متجهاً إلى لبنان عبر الأراضي السورية وسلك طريقاً خارجياً دون أن يمر بالمدن السورية، ونام كل من هم في الباص بعد أن غنّوا وصفقوا ورقصوا على كل أغنياتنا العربية بأنواعها المختلفة دون أن يعلموا ماذا يغنون؟ وماذا يقولون؟ أما أنا ففتحت جهاز الراديو الموجود في جهاز الموبايل وبدأت أبحث عن محطات جديدة لم أكن أسمعها في الأردن، وبقيت هكذا إلى أن وصلنا نقطة الحدود السورية مع لبنان.

565796198526
 زرافات من العمال السوريين الذاهبين للعمل في لبنان 

نزل الدليل ومعه جوازات السفر وإستيقظ من كان نائماً من ركاب الباص، ونزلت من الباص فوجدت زرافات من العمال السوريين الذاهبين إلى لبنان مشياً على الأقدام، وكان كل واحدٍ منهم يحمل أغراضه الشخصية على كتفه ومعه بطاقة الخروج المدفوعة الثمن لختمها ودخول لبنان، فتجولت بينهم وتفحصت وجوهم فوجدت الغربة وقسوتها والطموح والتغلب على المصاعب معجوناً بالسرعة، فالكل يريد أن يفوز بالمركز الأول في الخروج وحاولت أن أتكلم مع بعضهم فلم أفلح لأن الدليل كان قد ختم الجوازات وصعد الركاب إلى الباص من دوني وهم يطلبونني في الحال.

1292899856_________
المصنع اللبناني 

سار الباص مسافة لا بأس بها في أرض زراعية خالية من السكان بين سوريا ولبنان إلى أن وصلنا نقطة الحدود اللبنانية من جهة سوريا وهي بلدة المصنع، والتي كانت قرية زراعية صغيرة أرضها خصبة ومياهها وفيرة لكنها تحولت إلى مكاتب وشركات تخليص بضائع وتأمين وأصبح كل من في هذه القرية يعمل بالتجارة وتركوا الزراعة لأصحابها فالتجارة أسهل وأكثر دخلاً لهم. 

22
صبية متسولة آخر موضة 

وفي المصنع نزلت من الباص كي أتكلم مع الناس فلم أجد أحداً، فالكل مشغول عني غير صبية محجبة ترتدي ملابس ضيقة، بدأت تقترب مني وإذا بها متسولة، فأدهشني شكلها لأني أعلم أن حالة المتسولين في بلادنا مزرية ومع هذا أرفض أن أعطي أحداً منهم فكيف لي أن أعطي مثل هذه الصبية المتسولة وهي تبدو بهذه الرفاهية؟ هل للتسول في لبنان خصوصية تستدعي كل هذه الأناقة؟ لم أستطع الإجابة على السؤال إذ لم تكن إلا دقائق معدودة حتى استدعاني الدليل لركوب الباص فأخرجني من هذا الحوار الشخصي دون أن يدري.

بـحـبـك يـا لـبـنـان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s