
في أحد أيام عام ١٩٩٢ عندما كنت أسكن في مدينة الزرقاء وأعمل في مدينة عمان ضاقت عمان بسكانها بعد حرب الخليج وأصبحت وسائل المواصلات شحيحة واصبح الوصول إلى المكان الذي يقصده الشخص في غاية الصعوبة وأصبح لزاماً على كل شخص أن يدبر نفسه بأية طريقة كانت للوصول إلى وجهته التي يقصدها وبينما كنت خارجاً من مدينة الزرقاء متجهاً إلى مدينة عمان عن طريق الرصيفة وإذا بامرأة تطلب مني الوقوف فوقفت فقالت: هل تأخذني في طريقك إلى عمان؟ فقلت لها: على الرحب والسعة تفضلي وركبت بجانبي دون أن أعرف من تكون هذه المرأة ولا أريد أن أعرف لأن عملي كان خالصاً لوجه الله بغض النظر عمن يركب بجانبي كل ما أعرفه أنها مضطرة للركوب معي لتوفير الأجرة لأشياء أهمّ.

في الطريق عرضت عليّ هذه المرأة مشكلتها فقالت: إن زوجي كان قد مرض وأصبح مُقعداً ولا يستطيع أن يعمل وأنا وزوجي الآن نعيش على ما يدفعه لنا المحسنون أمثالك فهل لك أن تدفع لي شيئاً كي أشتري لزوجي طبخة اليوم؟ تعاطفت مع هذه المرأة ولكنني لم أكن أحمل فلوساً تذكر كي أعطيها فاعتذرت لها وقبلت هذه المرأة إعتذاري ولكنها قالت: هذا رقم هاتفي إذا رغبت في مساعدتي مستقبلاً فاندهشت لما سمعت وبدأت أحدّث نفسي بنفسي وأقول: أنا لم يكن عندي هاتفاً في بيتي في ذلك الوقت ونادراً من كان يمتلك هاتفاً في تلك الأيام فالأوْلى لهذه المرأة أن تقطع هاتفها أولاً وما تدفعه من رسوم ومكالمات شهرية سيشتري لها ولزوجها طبق اليوم على رأيها بدلاً من أن تمدّ يدها للناس.
