ما بين الشاعر والجزّار


untitled
الجزار

ثمّة حكاية طريفة من عصر المماليك بطلها لحّام اسمه أبو الحسين الجزّار إبتلي بحبّ الشعر ونظمه لكن الزمن الذي كان يقضيه في الملحمة لم يكن يسمح له بتكريس كل وقته للشعر كما كان يتمنّى لهذا فقد قدم استقالته من هذه المهنة التي ورثها عن أبيه وجدّه والتي منحته كل شيء حتى اسمه وتركها وراح يطرق أبواب الحكام الحاليين والمحتملين علّه يجد من يكرمه ويجزل من عطاءه لكنّه سرعان ما انتبه إلى أمر لم يكن قد حسب له حساباً أو دار في خلده وهو أن الوقوف على أعتاب الحكام الممدوحين لا يخلو من المهانة وذلّ السؤال!.

qatar_bedouin_hh_04089642_01_33c19451fc
ممارسة المهنة عند الإنسان البدوي القديم عمل مهين 

فطوى دواوينه وعاد إلى مهنته ثانية بعد أن اكتشف القيمة التي تمنحها له هذه المهنة على الرغم أن ممارسة المهنة عند الإنسان البدوي القديم عمل مهين ومجلبة للهوان فـعند العرب المهنة من سلالة المهانة بحسب ما يفصح عنه المعجم العربي لكنه تحمل كل ذلك وعاد إلى ملحمته وهجر الشعر بعد أن اشتهى مضغ قطع اللحم على أبواب الممدوحين ودوّن تجربته المدحيّة في أبيات شعر يقول فيها:

لا تلمني يا سيّـدي شـرف الديـن إذا ما رأيـتـني قـصّـابـــا

كـــيــف لا أشـكـر الـجـزارة مــا عــشــت وأهـجـر الآدابـا

وبهـا صارت الكلاب ترجّيني وبالشِّعْر كنت أرجو الكلابـا

من كل بستان زهرة

أضف تعليق