
كان في القرية التي ولدت فيها امرأة تبدو للناس بأنها جميلة وهي في حقيقة الحال ليست كذلك بل هي إمرأة عادية مثلها مثل بقية النساء في القرية لكنها كانت تدلل نفسها فلا تذهب للعمل في المواسم الزراعية كقطف ثمار الزيتون واللوز مثلاً أو في جمع ثمار التين وتصنيع القطين أو في موسم التعشيب والحصاد كغيرها من النساء في القرية بل كان همها الوحيد أن تبدو أنيقة ونظيفة ومن أجل ذلك كانت تغتسل يومياً رغم ندرة المياه في ذلك الوقت فأصبحت سيرتها على كل لسان في القرية وأصبحت نساء القرية يتندرن عليها بشئ من الحسد والغيرة.

وفي أحد الأيام مرضت هذه المرأة في عقلها فشخص الناس مرضها هذا بالجنون وانشغلت القرية بمن فيها في موضوعها وبدؤوا يفتشون عن سبب جنونها فاحتاروا في الأمر إلا أن نساء القرية قد وجدنها ـ كما وجدها نيوتن ـ فعزوْن سبب هذا الجنون الذي أصابها إلى النظر بالمرآة ليلا وهي تقوم بتمشيط شعرها بعد استحمامها اليومي وبعد هذه الحادثة حُرّم النظر إلى المرآة ليلاً على جميع سكان القرية بما فيهم أنا فكنت إذا نظرت في المرآة ليلا تنهرني والدتي وتمنعني من ذلك وتذكرني بما جنته تلك المرأة على نفسها وكان من عادة أمي ـ رحمها الله ـ أن تأخذ وتعطي معنا في كل الأمور إلا في هذا الموضوع فكانت كلماتها قاطعة ومن باب الكيس من اتعظ بغيره.
