
كنت قد تعرفت على إمرأة من طرف رحم أمي، وأصبح بيننا وبين عائلتها، زيارات عائلية، لا سيما في المناسبات الخاصة، والعامة، والأعياد. وسرعان ما توفي زوجها، بعد أن ترك لها ولد وبنت، وما هي إلا بضع سنوات، حتى تخرج الولد من دراسته الجامعية المتوسطة، واشتغل، وتزوج، وعاش حياته بالطول وبالعرض، وبقيت الأم تعيش مع ابنتها، تنتظر قدوم ابن حلال ليكون زوجاً لإبنتها، لكنه طال انتظاره ولم يحضر.

وفي إحدى زياراتي العائلية، التي كنت أقوم بها لهذه المرأة وعائلتها، قالت لي، بعد أن شكت حال ابنتها، وخوفها عليها من شبح العنوسة: إذا وجدت يا أخي، من ترضى عن دينه، وخلقه، فدلّه علينا، لأزوجه من إبنتي، وكما تعلم يا أخي، فإن أخاها شيخ متدبن، وهي كذلك، شيخة محجبة، وشرطهما الوحيد، أن يكون العريس ملتحياً، وملتزماً فِي آداء الصلوات في أوقاتها، وأتبعت قولها بقول يقرّه الشرع والدين والمجتمع أيضاً: بأنه عليك أن تبحث عن عريس لإبنتك، قبل أن تبحث عن عروس لإبنك.

احترمت هذه المرأة، وأثنيت على وعيها، لا بل تعاطفت معها، لكن قفز إلى ذهني سؤال طرحته عليها في الحال: وماذا لو كان هذا العريس يصلي، دون أن يكون ملتحياً؟ قأجابتني ودمع العين يسبقها: أنا يا أخي لم أطلب هذا الشرط، ولا تطلبه إبنتي، وأنا أعلم أن هذا الشرط، قد يكون من المعوقات، لكن إبني الشيخ هو الذي يطلبه، لا بل يصرّ عليه، فهو دائماً يردد على مسامعنا، أن الدين لا يكتمل عند الرجل إلا بإطلاق لحيته.

لم أرد على جوابها هذا، رغم عدم قناعتي به، وذلك احتراماً لخصوصبتها، هي وابنها، وبدأت أبحث لها عن عريس مناسب لإبنتها، وكأنها ابنتي (بعد أن عافاني الله من هذا الموقف، فأنا أطفالي كلهم من الذكور، وليس عندي بنات)، وبعد شهر من هذا اللقاء، تعرفت على عائلة ثانية، وطلب مني رب هذه العائلة، أن أدلّه على بنت ذات خلق ودين، لتكون زوجة لإبنه الشيخ الملتحي، الذي لا يصلّي إلا في المسجد كل الأوقات الخمسة، وشرطه الوحيد هو ووالده، أن تكون العروس متدينة ومحجبة.

قلت في نفسي: لقد صدق من قال (وافق شن طبقة)، فالعروس تريده شيخاً بلحية، وقد كان، وتريده يصلي، فهو لا يصلي إلا في المسجد، أي أكثر مما تريده العروس، والعريس يريدها شيخة محجبة تصلي، وقد تحقق له ما يريد، واتفقنا على موعد مع أهل العروس، وأخذت معي في سيارتي العريس وأهله، وكل ظني أنني تفوقت على أرخميدس، عندما وجدها، لا بل أرخميدس كان قد وجدها مرة، أما أنا فكنت قد وجدتها مرتين.

وما أن دخلنا بيت العروس، وسلّمنا، وحضر أخو العروس، وكان ملتحياً، والعريس أبضاً كان ملتحياً، وبعد أن عرفتهم على بعضهم البعض، نظر كل منهما إلى لحية الآخر، فتكهرب الجو، دون أن ينظر العريس إلى وجه عروسته، أو تنظر العروس إلى وجه عريسها، وأصبحنا عند أهل العروس غير مرغوب بنا، وكذلك أهل العريس لا يريدون الإنتظار، حتى نشرب قهوة الضيافة، وتسائلت مع نفسي في الحال، ماذا حصل؟ فأخذت أخو العروس جانباً، وسألته عن الأمر، فقال: ألم تلاحظ أن العريس سلفياً؟ وما أن جلست بجانب العريس وسألته، فقال: ألم تلاحظ أن أخا العروس تحريرياً؟.

هذا هو تخلف المجتمعات العربية…صارو مية طايفة،وفرع ولكل منهما افكارة الخاصة والتي يتمسك فيها وكانها دين جديد.. افكار مستوردة..تشق الامة.
وتغصلها عن بعض …علما ان الدين الاسلامي واحد….!!!!
إعجابLiked by 1 person
اسمحلي أخ وليد أن أضيف كلامك لهذا المقال
إعجابإعجاب
اسمحلي أخ فهيم أن أضيف كلامك لهذا للمقال
إعجابإعجاب