
سُئل صحفيّ أجنبيّ عن دعاتنا الجدد فقال:إنهم فشلوا في الأرض فتمسكوا بالسّماء!كلمات معدودة عبّر بها هذا الصحفي عن واقعنا الذي نعيشه الآن!وقالها بلغته الأجنبية التي لا تعرف المُجاملة ولا المُداهنة ولا التزلف ولا النفاق ولا الجناس ولا الطباق ولا التأويل ولا التمجيد ولا التعظيم ولا التفخيم!ولم يقلها بلغة البصريين مرة ولا بلغة الكوفيين مرة أخرى كي يضل ويُضل!كما يفعل كتابنا وصحفيونا الأفاضل هذه الأيام!ولم يتلاعب هذا الصحفي بالكلمات الجوفاء الرنانة كما يتلاعب بها هؤلاء الدعاة الجدد عندما يريدون قلب الحق باطلا أو تحويل الهزيمة إلى نصر!.

لقد قيّم هذا الصحفي دعاتنا الأفاضل دون أن يأخذ في الحسبان من هم أجدادهم؟ولم يفعل كما يفعلون حين يتمسحون بأجدادهم ليل نهار ليسرقوا منهم أمجادهم وانتصاراتهم وليعلكوها صباح مساء وليظهروا أنفسهم وكأنهم ساهموا فيها لا بل خططوا لها!ولم يكتف هؤلاء الدعاة بذلك بل تجاهلوا الخطوط العريضة للدين واختصروه في جزئيات صغيرة لا تقدم ولا تؤخر في واقعنا الحالي!لا بل أبحروا بألسنتهم في حياة السلف واتخذوها صناعة دنيوية لهم يتكسبون من وراءها الشئ الكثير!.

يقولون أن المرأة نصف المجتمع!وأنا أقول أنها تربي النصف الآخر!لذا تكون المرأة هي التي تصنع الحياة لمجتمعنا!وبدل أن نطلق لها العنان لتربي نفسها بنفسها وتنمي شخصيتها وتلبس ما يناسبها سلّطنا عليها سيلاً من المُلهيات بثها الدعاة الجدد الذين تركوا تخصصاتهم العلمية واشتغلوا بالحجاب وأصوله وفروعه!لأن هذا الموضوع أنفع لهم من المحاسبة والزراعة والهندسة!ويجلب لهم المكانة الاجتماعية ويحسن من أحوالهم المالية ويدخلهم الجنة التي لها يدعون!.

فها هو الداعية عمرو خالد أصبح يحتل المرتبة الأولى في قائمة أعلى الدعاة دخلا للعام 2007 بعد أن بلغ دخله 2.5مليون دولار غير المال الذي يحصل عليه من الهبات والعطايا من جهات حكومية أو غير حكومية والداعية عمرو خالد من مواليد عام1967تخرج من جامعة القاهرة كلية التجارة عام 1988 وعمل في مكتب محاسبة لمدة سبع سنوات ثم افتتح مكتب محاسبة خاصاً به ولم يعجبه دخله فانضم إلى قافلة الدعاة!.

أما المرتبة الرابعة في الغنى فكانت من نصيب الداعية عمر عبدالكافي الذي بلغ دخله 373 ألف دولار غير المال الذي يحصل عليه من الهبات والعطايا من جهات حكومية أو غير حكومية والداعية عمر عبدالكافي كان قد تخرج من كلية الزراعة وعين معيداً بها وحصل على الماجستير والدكتوراة فى العلوم الزراعية وعمل فضيلته كذلك باحثا بالمركز القومى للبحوث وأستاذاً بأكاديمية البحث العلمى ولم يعجبه دخله من هذا كله فانضم إلى قافلة الدعاة!.

وجاء في المرتبة الثانية الداعية طارق سويدان الذي بلغ دخله مليون دولار غير المال الذي يحصل عليه من الهبات والعطايا من جهات حكومية أو غير حكومية!والداعية طارق سويدان من مواليد ١٩٥٣وحصل على دكتوراه في هندسة البترول من جامعة تلسا أكلاهوما في الولايات المتحدة الأمريكية مع تخصص مساند إدارة أعمال!ورأى فضيلته أن الكويت لا تحتاج إلى مهندسين بل هي بحاجة إلى دعاة فترك الهندسة لأصحابها وانضم إلى القافلة هو الآخر!.

هذه عينة من دعاتنا الأفاضل الذين إستطاعوا أن يغيروا في تفكير وسلوك أولادنا وبناتنا بعد أن إكتشفوا أن تخصصاتهم في التجارة والزراعة والهندسة هي كلام فاضي لا تجلب المنفعة للأمة وعليهم أن يغيروا من تخصصاتهم فلم يجدوا أفضل من أن يكونوا دعاة لهذه الأمة!وهذه مهنة جديدة إستحدثها من يتقن خداع الناس دون أن يدرس علوم الدين أو يتبحر بها كما هي السياسة فكلاهما ليس لهم نقابة تضع شروطاً للداعية أو السياسي!.
ولم يفكروا كثيراً عند تغيير تخصصاتهم فالأمة مهزومة مكلومة وما عليهم إلا أن يضربوا على الحديد وهو ساخن!وبدل أن يُحرضوا الناس على الجهاد لتحرير الأوطان أغمضوا أعينهم عن فلسطين والعراق وأفغانستان وسوريا واليمن وتونس وليبيا ومصر والسودان واكتفوا بالدعاء للمناضلين في المساجد بعد الصلاة!.

وخاضوا في تفاصيل الحياة اليومية للأسرة العربية فاستحدثوا لباساً جديداً للمرأة وكأنها قبلهم كانت عارية!وعلموها الحلال والحرام في اللباس وفي الحمام وفي الزينة وفي الزواج وفي الأعراس وأمروها بالعزلة وعدم الإختلاط!أما إذا أحبت فلها أن تحب الشخص في الله فقط!وأسهبوا في عدالة المسلمين الأوائل وهي تعيش الظلم!وحدثوها عن الرخاء الذي كان به المسلمين قديماً دون أن يسألوا أنفسهم كيف تعيش هذه البنت داخل أسرتها؟فكثير من الأسر لا تستطيع تدبير قوت يومها!والكثير من هذه الأسر يئن تحت قائمة الفواتير التي سيدفها آخر الشهر!فهم قد نسوا ذلك أو تناسوه بعد أن عاشوا حياة الترف والرخاء!.

ونسوا أو تناسوْا هؤلاء الدعاة أن هناك شباب عاطلون عن العمل يتمنون أن يجدوه!وهناك شباب في سن الزواج يحلمون بالحصول على الباءة لكنهم لا يستطيعون!وهناك شباب يتمنون أن يأكلوا ويشربوا مثل خلق الله وكل واحد منهم يحلم ببيت يسكنه أو أرض يزرعها أو سيارة يسوقها فلا يجد!فأوهموا كل هؤلاء بأنهم إذا ساروا على خطاهم فسيرزقهم الله من حيث لا يحتسبون!وتولع بهم الشباب لا حباً بهم لكن الغريق يتعلق بقشة كما يقولون واستطاعوا أن يفصلوا الولد عن أهله والبنت عن أمها!.

فان كان صيدهم بنتاً تلف نفسها بنقاب أو حجاب أو الإثنين معاً وتبدأ في هداية أمها وأبيها وتشغلهم بالحلال والحرام فإذا لم تفلح معهم انعزلت وتشيخت وعاشت وحدها!ونفس الكلام ينطبق على الولد فيطلق لحيته وينشغل في قول السلف وأعمالهم ويحاول مع والده وإخوانه فإذا لم يفلح سيقوم بتكفيرهم ويعيش وحده داخل أسرته!فهم بذلك قد شقوا الأسر وأقاموا الجواجز بينهم!.

واحتارت بناتنا فيما يسمعن من قصص عن السلف وما يعشنه من واقع!فعندما ترى بناتنا الداعية عمرو خالد مبتسماً يحدثهن عن حب(كي يزيد في ميزان حسناته وميزان أمواله بدون جهد)رسول الله لعائشة أم المؤمنين وهو يفتش عن المكان الذي تضع عليه شفتاها وهي تشرب كأس الماء كي يضع شفتاه فوقه!وعندما تسمع البنت الداعية طارق سويدان وهو يحدثها عن عاتكة التي تزوجت أربع مرات في أقل من عشر سنوات!إن مثل ما يقوله هؤلاء لهو لعب في الدين يلبسونه ثوب الحلال!.

فاختلط عليهن الأمر وضعن بين الآخرة والدنيا!فهن يعشن الدنيا بأجسامهن ويعشن الآخرة في عقولهن بعد أن أفهموهن أن حجابهن هو عفافهن!وبأن حجابهن سيفرض على الناس احترامهن!وكل ما هو مطلوب منهن أن يتحجبن فقط وبعدها يحق لهن ما لا يحق لغيرهن فسعيهن سيصبح مشكوراً وذنبهن سيصبح مغفوراً حتى لو أنهن قفزن من على سور المدرسة وهربن منها!وأخيراً أقول رحمك الله يا أمي وأطال الله في عمرك يا زوجتي لأنكما لم تشعرنني يوماً بأن هناك في ارتداء الحجاب قضية تدار لها الندوات على أيدي دعاة تركوا تخصصاتهم العلمية وتفرغوا للحجاب!.
