أنا والثورة


Fateh-logo
أنا إبن فتح ما هتفت لغيرها

كان لزاماً عليّ في المرحلة الجامعية في بداية سبعينات القرن الماضي أن أنخرط في العمل الوطني مثلي مثل شباب تلك الأيام لا بل أكثر قليلاً لأن اليهود كانوا قد قتلوا والدي فانتظمت في صفوف حركة فتح لأنني كنت أرى فيها ضمير الشعب الفلسطيني والعربي لكن ما مررت به من أحداث جسام جعلتني شخصاً نظرياً لا بل مثالياً في أغلب الأحيان فكنت أحب وأكره على الشكل لا على المضمون فمن كان يطيل شعره مثلا أو يرتدي بنطال الشارلستون (موضة تلك الأيام) أتهمه في وطنيته ولا أعترف به بأنه مناضل فأنا إبن فتح ما هتفت لغيرها.

1_1073564_1_34
غسان كنفاني 

ومن سوء الطالع أن معظم عناصر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذلك الوقت كانوا ممن يطيلون شعورهم ويلبسون بناطبل الشارلستون ويعلقون السلاسل الذهبية والفضية في أعناقهم وعليه فلم أستمع لهم فيما كانوا يقولون ولم أستمع لما كانوا يطرحون من فكر لتحرير فلسطين لأنه مغاير لفكر حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح حتى أنه وصل بي التعصب إلى أنني لم أقرأ للكاتب العالمي غسان كنفاني ما كتبه من روائع الأدب العالمي متعمداً لأنه كان من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وليس من حركة فتح.

1017467_512833828783399_784799098_n
كنت كهذا الطفل الذي يفرح لسيارة المطرب محمد عساف

ولم أكتف بذلك التعصب بل امتدت آرائي إلى أن وصل بعضها إلى:لا مكاتب للثورة في المدن بل يجب أن تكون المكاتب في الكهوف والجبال والوديان وعلينا أن لا نشرب الشاي والقهوة في هذه المكاتب كي نوفر ثمن ما نشربه لنشتري به سلاحاً وذخيرة لقتال العدو الصهيوني وأن المسؤول لا يجب أن يُعطى سيارة وإذا أعطي سيارة فهي ليست له بل عليه أن ينقل بها كل من يجده واقفاً في طريقه حتى وصل بي الحد إلى أن حرّمت على شعبي الترف والترفيه فكنت أطعن في وطنية كل فلسطيني يرفه عن نفسه أو عن أهله وكنت أتهم كل من كان يملك بيتاً جميلاً أو سيارة فخمة بأنه لا يحب فلسطين.

مشاهد من ذاكرة الرحيل