
التقيته صدفة، شاب طويل القامة أسمر اللون مفتول العضلات، بالكاد يقرأ ويكتب. كان قبل عصر الكمبيوتر يعتبر نفسه من المتعلمين وظل كذلك إلى أن تغير حديث الناس في الأفراح والأحزان واقتصر على الفيسبوك واليوتيوب وتويتر، فعادت له أُمّيَتُه، وأصبح دائم التأفف والقلق. وعندما سألته عن سبب قلقه الدائم صب جام غضبه على شركة جوجل العالمية فقلت له: ولماذا هذه الشركة دون غيرها؟ قال: لم تكتف هذه الشركة بأن أعادتني أمياً بعد أن كنت متعلماً بل تريد أن تقطع رزقي أيضاً. قلت له: وكيف يكون ذلك؟ قال: سمعت أن هذه الشركة اخترعت سيارة تقود نفسها بنفسها قلت: وما تأثير هذه السيارة عليك؟

قال: أنا أعمل سائقاً عند متسولة أقوم بتوصيلها صباحاً إلى سقف السيل وإحضارها من هناك في المساء إلى بيتها. وفيما عدا ذلك أنا حر في استخدام سيارتها وأشار بيده نحو هذه السيارة فقلت: وهل يعقل أن تكون هذه السيارة لمتسولة؟ قال: نعم، وأزيدك من الشعر بيتاً بأن هذه المتسولة التي لا تعجبك ترمي كل العملة الفضية التي تحصل عليها آخر اليوم من شباك سيارتها فهي لا تعترف بما يقدمه لها الفقراء من أمثالك.
