هدية بلدنا لبريطانيا العظمى


3909774337
ثوار ومجاهدون في العهد البريطاني

كانت قريتنا في الماضي غير البعيد حصناً منيعاً لمن يدخلها من الثوار والمجاهدين خاصة في العهد البريطاني لأن من يكون بداخلها يرى القادم إليه قبل أن يراه هذا القادم لأنها محاطة بالجبال من جميع الجهات والسبب الأهم من ذلك كله أن هذه القرية كانت معزولة لا تصلها السيارة وبالتالي لا تستطيع سيارات العدو من الوصول إليها فكان على المحتلين في جميع العصور أن يأتوها إن أرادوا مشياً على الأقدام والمشي على الأقدام في حد ذاته كان يعتبر مغامرة كبرى للمحتلين فكانوا بدلاً من ذلك يبعثون عيونهم من العملاء لمراقبة الوضع في قريتنا عن كثب وإبلاغهم بما كان يحدث أولاً بأول.

350387922
الجيش البريطاني في فلسطين

وفي أحد الأيام حضر أحد القادة المهمين في الثورة الفلسطينية آنذاك ليقيم في  قريتنا بضعة أيام دون أن يكون ملاحقاً ومطارداً من المحتلين الإنجليز إلا أن أحد العملاء كان قد أخبر العدو بوجوده في القرية فأرسلوا على الفور كتيبة مشاة وأنزلوها في أرض اللبن الشرقية واتجهت هذه الكتيبة غرباً نحو القرية دون أن تمر بالطرق المألوفة عند الناس خوفاً من أن ينكشف أمرها بل وصلوها عن طريق الجبال من جهة جبل راس مقحار.

images9f9l627o
لف السجائر

وكان المرحوم (عمر مصطفى الزغلول) أحد أبناء هذه القرية يعمل بأرضه التي تسمى (الزردات) في جبل راس مقحار في تلك الأثناء وأراد أن يرتاح قليلا فجلس في مكان نظيف كان قد إختاره وفتح علبة (التتن) وأخرج منها دفتر السيجارة (الأتومان) ونزع منه ورقة وملأها بالتتن وقام بالضغط عليها بين أصابعه لموازنتها ثم قام بوضع شيء من ريقه على أحد أطرافها ثم جعل هذا الطرف كالمنشار بواسطة أسنانه وقام بلصقه بالطرف الآخر فأصبحت بذلك سيجارة ثم قام بضم كل طرف منها على نفسه ليمنع سقوط التتن من أطرافها واختار طرفاً منها وقام بوضعها في فمه.

13035547_591633631011437_2025009995_o
الزنادة وحجر الصوان والقديح 

وإذا بالكتيبة الإنجليزية تمشط رأس مقحار كله باتجاه القرية وما أن رفع رأسه حتى وجد جنديان يراقبونه فلم يخف منهما وبقي يمارس طقوسه وهم واقفون أمامه ويراقبونه عن بعد بإعجاب شديد وبعد أن وضع السيجارة في فمه تناول شيئاً من نبات القديح المُصنّع سلفاً التي كان يضعها في جيبه ومعها حجر من الصوان فوضع جزءاً صغيراً من نبات القديح على طرف حجر الصوان وأمسك بهما بيده اليسرى ومد يده اليمنى إلى جيبه وأخرج منها (الزنادة) وضرب بها حجر الصوان فخرجت شرارة حطت على نبات القديح فأشعلته ومد يده اليسرى إلى فمه وأشعل منها سيجارته والجنديان البريطانيان يراقبانه باندهاش شديد وبعد أن انتهت هذه العملية طلبا منه أن يعطيهم الزنادة وحجر الصوان والقديح كهدية فأعطاهم ما طلبوه منه وبهذا تكون قد دخلت صناعة خربة قيس بريطانيا العظمى.

عن بلدي احكيلي