بـيـت إبـليس


13445718_868474759955634_5787732992192377845_n
بيت إبليس

في أيام طفولتنا الأولى التي عشناها في القرية، في منتصف القرن الماضي، كان منها حقبة من الزمن، نبحث فيها عن إبليس، كي نستعين به في العثور على ما كنا نفتقده من حاجات في ذلك الوقت، فقد علّمونا وتعلّمنا ممن سبقونا، أنّ على من يُضيّع حاجة من حاجاته، ما عليه إلا أن يبحث عن بيت من بيوت إبليس، المنتشرة في أرض القرية، وبعد أن يجد واحداً منها، ما عليه إلا أن يفتح كفه اليسرى و(يتفل) فيها، ثم يقول بصوت عال: يا إبليس، إلك كيس، وإلي كيس، إن لاقيت لي الغرض الفلاني (الضائع)، ثم يضرب هذه التفلة بأحد أصابع يده اليمنى، فتتطاير جزيئات هذه التفلة في جميع الإتجاهات، عندها يتدخل إبليس ويرشح له الجهة (الأغزر) من التفلة، وعليه بعدها أن يبحث في تلك الجهة فقط، ويرح نفسه من البحث في باقي الجهات الأخرى.

%d8%a5%d8%a8%d9%84%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%b9%d9%8a%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%86%d8%a7%d9%85قد يسأل سائل، خاصة من جيل الأحفاد والأولاد، لماذا يكتب لنا هذا الرجل كلمات لا نفهمها؟ وإن فهمناها، فهي لم تعد تعنينا في شيء هذه الأيام؟ ولمثل هذا السائل أقول: إنها ذكريات جيلي التي أفتخر بها، وأفتخر بأننا كنا قد تحملناها، وتغلبنا عليها وحدنا دون معلم، ودون أن نورثها لكم كما ورثونا، كما أنني أعرضها عليكم، لتشفقوا على طفولتنا البائسة التي كانت غارقة في الجهل والتخلف، ولتروا بأم أعينكم ما كنا قد عشناه في طفولتنا من كفر بواح، عندما علّمونا الإستعانة بـإبليس، وليس الإستعانة بـالله، ولم يسأل أحدنا نفسه أو غيره يوماً، كيف تضربون إبليس بالحصى في مكة المكرمة، وتستعينون به في البحث عن مفقوداتكم في القرية.    

ذكريات بلدنا

أضف تعليق