الشهيد الأول حسين العبود (أبو محمد)

ولد المرحوم حسين عبود (أبو محمد) في خربة قيس، وعاش طفولته وشبابه فيها، توفي والده وهو صغير في السن، وتزوجت أمه من غير أبيه، وتركته يعتمد على نفسه، وعلى أخيه الأكبر المرحوم عبدالقادر عبود، في تحصيل لقمة عيشه، فلم يترك صنعة أو حرفة أو مهنة، إلا وعمل بها، فعمل حجّاراً فترة من الزمن، وعمل في صناعة الكبابير، التي كانت قد استحدثت في ذلك الوقت لتجهيز (الشيد) الذي كان يستعمل في البناء، بدلاً من الإسمنت في هذه الأيام، وكان يحمل (كِبّاش) النتش بواسطة (الدكْران) على كتفيه من جبل إلى جبل آخر، وعمل (جداداً) لشجر الزيتون في موسم قطافه.

ولم يترك مكاناً يوفر له العمل الشريف، إلا وذهب إليه، فعمل (مخضّر) في قرية (حوارة)، ثم عاد إلى قريته، وعمل فيها بنفس المهنة لكن على حساب الأهالي، لحماية أرضهم وأشجارهم من السرقات، لكن استقامته في العمل، وعدم المحاباة، وعدم السكوت عن الفاعل، مهما كانت درجة قرابته منه، مما جعل الكثير من الناس، يماطلون في دفع أجرته، فترك هذه المهنة، وسافر بعدها إلى الكويت، أول مرة مشياً على الأقدام، وفشلت محاولته تلك في دخول الكويت، وعاود الكرّة مرة أخرى إلى أن تمكن من دخولها.

وهناك في الكويت عمل حارساً لمحطة مياه الشرق في مدينة الكويت، واستمر في عمله هذا، إلى أن انتهت حرب الأيام الستة سنة 1967، وهزم على إثرها العرب، وأصبحت الضفة الغربية لنهر الأردن أرضاً محتلة من قبل العدو الصهيوني، فترك الكويت في الحال، وعاد إلى الأردن، وهناك قرر أن يعود إلى وطنه وبلده بأي شكل من الأشكال، فلم يكن أمامه، إلا أن يقطع نهر الأردن مشياً على الأقدام ليتوجه بعدها إلى بلده.

وبعدما تمكن من قطع هذا النهر، من إحدى (المخاضات)، فاجئته دورية إسرائيلية، فاحتمى منهم بصخرة كبيرة، وعلى الرغم من ذلك، فقد أصابته رصاصة غادرة من رصاصات العدو الغاشم، فاستشهد على إثرها، وبعدها حضرت جرافة من جرافات العدو الصهيوني، وحملت جثته، وذهبت بها إلى مقبرة شهداء الأرقام، ولم يفقد أهله الأمل حتى الآن، في الحصول على جثته في يوم من الأيام، ليتم دفنها في بلده ومسقط رأسه خربة قيس.

ومن قبيل المصادفة، كان الأخ عبدالحميد رزق الله (أبو عبدالرحيم) من بلدة (مزارع النوباني)، أحد أفراد قوات الجيش الأردني المرابط على الحدود مع العدو الإسرائيلي، شاهداً على هذه الواقعة، فما كان منه إلا أن غامر بنفسه، وبوظيفته، مشكوراً، وقطع النهر، إلى أن وصل إلى جثته، فأخذ منه جواز سفره وبعض أغراضه الشخصية، وقام بتسليمها إلى مخفر السلط، وللمرحوم أربعة أولاد هم: المرحوم محمد الذي كان يقيم في أبو ظبي، وجميل المقيم الآن في عمان، والمرحوم فؤاد الذي كان يقيم في سلفيت، وجمال المقيم الآن في عمان.
الشهيد الثاني ياسر أسعد إبراهيم أسعد

في أحد أيام الإنتفاضة الأولى وبتاريخ 27/3/1988، اقتحمت قوة من قوات الجيش الإسرائيلي المحتل مدينة سلفيت، فهب الرجال والنساء والأطفال، للتصدي لهذه القوة الغاشمة، والدفاع عن بلدتهم، وعلى إثرها أطلق الجنود الصهاينة على هؤلاء الأهالي القنابل المسيلة للدموع، والرصاص المطاطي، والرصاص الحيّ، فأصابت واحدة من هذه الرصاصات الغادرة، جسد الطفل ياسر أسعد إبراهيم، واستشهد على الفور، وما أن انسحبت قوات العدو الصهيوني حتى خرجت جماهير مدينة سلفيت ومجموعة القرى المجاورة لها لتشييع جنازته ليكون هذا الطفل ثاني شهيد لهذه القرية الصغيرة في البنيات الكبيرة في الميزان.
الشهيد الثالث سامر عبدالهادي محمد
