

واختارت بريطانيا العظمى المتعلمين من هذا الشعب واستعملتهم كتبة في وظائفها الحكومية فأخرجتهم من قراهم وسكنوا المدن وبهذا تكون قد فرغت القرى من متعلميها وأصبح من يتعلم في القرية يتركها ويذهب ليعيش في المدينة فخلقت بذلك واقعاً جديداً ففي المدن زاد عدد السكان وتغيرت تركيبة مجتمعاتها مما جعل البعض يتحرر فيها من كل التقاليد والأعراف التي كانت سائدة آنذاك أما في القرى فأصبح كل من يخالف العادات والتقاليد والأعراف يلجأ إلى المدن ليعيش فيها كما يريد.
لهذا فقد توسعت المدن على حساب القرى بعد أن خرج منها متعلموها وأصبحت هذه المدن بحاجة ماسة إلى وظائف خدماتية لسكانها فخرج من سكان القرى كل من لا يحب العمل بالأرض وسكنوا في أطراف هذه المدن كسباً للرزق مما جعل القرية الفلسطينية تتراجع إلى الوراء وتتقهقر وظهر فيها أناس مُحيّرون فلا هم يريدون العمل في الأرض ولا هم يريدون أن يعيشوا تحت صفيح المدن فانشغلوا في الناس وأشغلوا الناس بأنفسهم!.