
بعد أن أقنع المنادي مَن احتج من الحضور على اختيار الفلسطينيين أولاً أدار بوجهه صوب الفلسطينيين وقال لهم: لكن قولوا لنا بالله عليكم لماذا انعدم الحب بينكم من دون خلق الله؟ فهل ينطبق عليكم ما قاله أفلاطون بأن الحب ليس للجائعين؟فتقدم أكبرهم سناً نحو المنادي وقال له: أرجو يا مولاي أَن أَن تسمحوا لنا أن نوضح لكم بعض التُهم التي كانت قد وجهت لنا نحن كفلسطينيين في الماضي وتوجه لنا أيضاً في هذه الأيام فقد قالوا عنا بأننا شعب لا يحب نفسه وقبل أن أسترسل في كلامي عليّ أن أذكّر بأنواع الحب عند الإغريق علّكم تجدوا لنا نوعاً من هذه الأنواع الثلاثة للحب.

النوع الأول éros: وتعني هذه الكلمة باليونانية الافتقاد الذي يرى فيه أفلاطون أن الناس يحبون ما ليس لديهم وما لا يمتلكون وما يفتقدونه في حياتهم ومن يعيش في هذا الحب يعيش في الشقاء والحرمان لأن هذا الحب يكون من أنواع الحب الحزين وعليه يا مولاي فنحن نحب كل وطن نعيش فيه ونعتبره وطننا المفقود ونحب أن نتفاخر في بناء البيوت الفخمة لأننا فقدنا بيوتنا ونحب الجيران لأنهم البديل عن الأقارب الذين كنا قد افتقدناهم في حروبنا المختلفة.

النوع الثاني philia: وتعني هذه الكلمة التمتع بما يملكه الإنسان في حياته وتبعاً لأرسطو فإن هذا النوع من الحب يتسم دائماً بالسعادة على شرط أن يمتلك الإنسان شيئاً كي يستمتع به وذلك لأن الإنسان يتمتع في هذا الحب بما يفعل وبما هو موجود أمامه وبما يتشارك به مع الآخرين ونحن يا مولاي كانوا قد سلبوا منا الوطن فسلبوا منا كل شيء ولم يتركوا لنا شيئاً منه كي نتمتع به أو نشارك غيرنا فيه ونحبه.

النوع الثالث agapè: وتعني هذه الكلمة باليونانية حب الغريب فالإنسان في هذا الحب (إذا أحب) فهو يحب من أجل الآخرين وليس من أجل نفسه أي أن هذا النوع من أنواع هذا الحب يقف عليه بالخسارة لأنه ينفع الآخرين ولا ينتفع منه صاحبه وتحت هذا النوع من الحب يندرج الحب الذي نادى به المسيح عليه السلام عندما قال: أحبوا أعدائكم.
